الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

كانت مستطيعة مادية وبدنية ولم تحج لعدم المحرم ثم ماتت فهل يجب الحج عنها؟

276493

تاريخ النشر : 22-08-2017

المشاهدات : 9017

السؤال

توفيت أمي قبل أربع سنوات ، وقبل وفاتها توفر معها ذهب ومال ، وكانت تقول على مسامعنا : إنها تريد بيع الذهب والذهاب إلى الحج ، ولكن أبي كان يماطل ، وليس لديه نية الحج رغم توفر المال والقوة لديه ، وبعد وفات والدتي أخذنا نحن أبناءها الذهب ، وقلنا : سوف نحج عنها إن شاء الله ؟ فهل وجب على أمي الحج ؟ وهل يمكننا أن نوكل طلاب يدرسون في السعودية للحج عنها مع أخذ مبلغ من المال ؟ نحن أولادها لا نستطيع الحج عنها في الوقت الحالي ، وليس لنا رغبة في إبقاء الذهب مدة أطول ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

من تحققت فيه شروط وجوب الحج ثم لم يحج حتى مات، وجب أن يخرج من ماله ما يُحج به عنه.

وشرط وجوب الحج الاستطاعة المادية والبدنية، إضافة إلى المَحرم بالنسبة للمرأة.

فإذا كانت والدتك مستطيعة ماديا وبدنيا لكنها لم تجد محرما يخرج معها للحج، فالحج لم يجب عليها، ولكم اقتسام الذهب بينكم .

لكن المستحب أن يحج أحدكم عنها ، أو أن تنييوا من يحج عنها.

وإن كانت فرطت في دعوة أحد محارمها للحج معها ، وكان معها من المال ما يكفيها هي ومحرمها، فالحج واجب في ذمتها، ويحج عنها من مالها.

قال في مطالب أولي النهى (2/ 291): " (وشرط لوجوب سعي) لحج أو عمرة (على أنثى : مَحْرَم) ، شابة كانت أو عجوزا ، نصا [أي : نص عليه الإمام أحمد رحمه الله] .

قال: المَحْرم من السبيل، فمن لم يكن لها محرم: لم يلزمها الحج بنفسها ، ولا بنائبها .

لحديث ابن عباس مرفوعا لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها إلا ومعها محرم، فقال رجل: يا رسول الله، إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا، وامرأتي تريد الحج، فقال: اخرج معها رواه أحمد بإسناد صحيح.

وعن أبي هريرة مرفوعا: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها محرم ، رواه البخاري ولمسلم: ذو محرم منها...

(ونفقته) ، أي: المحرم ، زمن سفره معها لأداء نسكها ، (ولو) كان المحرم (زوجها) ، فيجب لها عليه بقدر نفقة الحضر ، وما زاد فـ(عليها) ، أي: المرأة، لأنه من سبيلها .

(فيشترط لها) ، أي: لوجوب النسك عليها : (ملك زاد وراحلة) ، بآلتهما ، (لهما) ، أي: للمرأة ومحرمها ...

فإن لم تملك ذلك لهما : لم يلزمها.

(ولا يلزمه) ، أي: المحرم، (مع بذلها ذلك) ، أي: الزاد والراحلة له ، وما يحتاجه، (سفرٌ معها) ؛ للمشقة ، كحجه عن نحو كبيرة عاجزة...

(وتكون) إن امتنع محرمها من سفر معها (كمن لا محرم لها) ، فلا وجوب عليها" انتهى.

ثانيا:

لا حرج في إنابة من يحج عن والدتك ، ممن يدرس في مكة، بشرط أن يكون قد حج عن نفسه.

وينظر فيما يتعلق بالنيابة في الحج ، وضوابطها : جواب السؤال رقم (111794) ورقم (111407) .

هذا وقد اشترط كثير من الفقهاء أن يحج النائب من حيث وجب الحج على المنوب، أو من ميقاته، وينظر: الموسوعة الفقهية (42/ 46).

ومنهم من سهل في ذلك، وأجاز أن يحج عنه ولو من مكة.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح قول الزاد: "مِنْ حَيْثُ وَجَبَا وَيُجْزِئ عَنْهُ":

قوله: من حيث وجبا، أي: من المكان الذي وجب على المستنيب أن يحج منه ، فمثلاً: إذا كان من أهل المدينة، ووجب عليه الحج وهو في المدينة، يجب أن يقيم النائب من المدينة ولا بد، فلو أقام نائباً من رابغ من الميقات ، فإن ذلك لا يجزئ، ولو أقام نائباً من مكة من باب أولى، فيجب أن يقيمه من البلد الذي وجب عليه الحج فيه.

والعلة أن هذا الرجل لو أراد أن يحج لنفسه لحج من مكانه من المدينة، فكذلك نائبه.

وهذا القول ضعيف؛ لأن المنيب إنما يلزمه أن يحج من بلده؛ لأنه لا يتمكن أن يخطو خطوة واحدة، ويصل إلى مكة إلا بالانطلاق من بلده.

ولهذا لو أن هذا المنيب في مكة قد سافر إليها لغرض غير الحج، إمّا لدراسة أو غيرها، ثم أراد أن يحرم بالفرض من مكة ، هل نبيح له ذلك أو نقول: اذهب إلى المدينة، لأنك من أهل المدينة، والحج واجب عليك في المدينة؟

نقول: لا بأس بأن يحرم بالحج من مكة .

فإذاً ؛ لا بأس أن يحرم النائب من [مكة] والسعي من المدينة إلى مكة ليس سعياً مقصوداً لذاته، وإنما هو سعي مقصود لغيره ، لعدم إمكان الحج إلا من المدينة.

فالقول الراجح : أنه لا يلزمه أن يقيم من يحج عنه من مكانه، وله أن يقيم من يحج عنه من مكة، ولا حرج عليه في ذلك؛ لأن السعي إلى مكة مقصود لغيره" انتهى من الشرح الممتع (7/ 33).

وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن رجل من أهل أفريقيا يريد أن يكلف شخصاً بالحج عن أمه، فأجابت:

"يجوز للشخص المذكور أن يقيم من مكة أو غيرها من الثقات من يحج عن أمه ، إذا كانت متوفاة أو عاجزة عن مباشرة الحج بنفسها؛ لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان" انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/80) .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب