الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

حكم الاقتراض من مال الوالد المصاب بالزهايمر

276745

تاريخ النشر : 06-09-2017

المشاهدات : 16607

السؤال

عمي صاحب محل تجاري ، ولديه 14 من الأبناء ، منهم ثلاثة يعملون في المحل برواتب ، كبر عمي في السن ، وأصيب بالزهايمر ، وزوجي يعتبر هو مدير المحل ، فأخذ من أموال من المحل مبلغا على أساس أنه سيسدد من راتبه ، وتزوج بهذا المال ، فهل يجوز له ذلك ؟ علما بأن عمي قبل مرضه كان شديدا جدا من ناحيةإهمال المحل ، وسحب الأموال ، يعني لو كان بوعيه ما أظنه سيوافق أن يسحب ابنه مبلغ عشرين ألفا من المحل ليتزوج بالثانية ، ثم إنه سافر ، وغاب عن عمله 3 أشهر عند زوجته الأخرى ، وعمي أيضا كان لا يسمح له بالسفر قبل ذلك ، إلا أقل من شهر لزيارة مكة في رمضان ، فماحكم اقتراضه وسفره ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

المصاب بالزهايمر يحجر عليه في ماله مِن قِبَل القاضي الشرعي، ويعيِّن القاضي قيّما على المال، ليحفظه ويتصرف فيه لمصلحة المحجور عليه، من النفقة عليه ، وعلاجه ، وإخراج زكاته.

وليس للقيم أن يتبرع بشيء من ماله ، أو أن يقرض منه؛ لأن القرض نوع من التبرع.

وفي تحفة المحتاج في شرح المنهاج (5/ 41): "ويشترط في المقرِض (أهلية التبرع) المطلق.... فلا يصح من محجور عليه، وكذا وليه، إلا لضرورة بالنسبة لغير القاضي" انتهى.

وفي الموسوعة الفقهية (45/ 162): " لا خلاف بين الفقهاء في أنه لا يجوز للولي أن يتصرف في مال المحجور، إلا على النظر والاحتياط، وبما فيه حظ له واغتباط؛ لحديث: (لا ضرر ولا ضرار) .

وقد فرعوا على ذلك: أن ما لا حظ للمحجور فيه ، كالهبة بغير العوض والوصية والصدقة والعتق والمحاباة في المعاوضة : لا يملكه الولي . ويلزمه ضمان ما تبرع به من هبة أو صدقة أو عتق، أو حابى به ، أو ما زاد في النفقة على المعروف ، أو دفعه لغير أمين، لأنه إزالة ملكه من غير عوض ؛ فكان ضررا محضا ...

ولا خلاف بين الفقهاء في أن على الولي الإنفاق من ماله على موليه ، وعلى من تلزمه مؤنته بالمعروف ، من غير إسراف ولا تقتير، لقوله تعالى: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما).

وزاد الشافعية والحنابلة: فإن قتر أثم، وإن أسرف أثم وضمن لتفريطه" انتهى.

وينظر: جواب السؤال رقم (202990).

ثانيا:

ليس لمدير المحل أن يقترض لنفسه ، أو أن يقرض أحدا ، إلا بإذن صاحب المحل، لأنه وكيل في التصرف، والوكالة مقيدة بالإذن.

وعليه فسواء كان عمك سليما أو مريضا، فقد أخطأ زوجك في الاقتراض من المحل، وتعدى على الأمانة، والواجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يعجل بسداد القرض.

وأما سفره، فيرجع فيه إلى نظام العمل في المحل ، وما يسمح به من الإجازات للموظفين.

والأمر المهم هو ما قدمناه من أن المصاب بالخرف ، أو الزهايمر : يحجر عليه في ماله من قبل القاضي، الذي يعيّن قيما على ماله ، لحفظه وتنميته ، ويدخل في ذلك الإشراف على المحل وطريقة تسييره.

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:" امرأة كبيرة في السن تسكن عند إحدى بناتها، وهذه المرأة عندها مال، والآن هي ليست جيدة العقل، ومعتادة قبل أن يكون عقلها بهذا الشكل أن تعطي أطفال بناتها في رمضان أو في العيد، وكذلك تطعم في رمضان، والآن تقوم البنت بما كانت تقوم به الأم في السابق، والناس أنكروا عليها قالوا: ما يجوز أن تفعلي هذا الشيء، فما رأي سماحتكم؟

فأجاب: نعم .. الصحيح الإنكار، أنه يُنْكَر على البنت أن تتصرف بشيء من مال أمها الآن؛ لأن أمها لما كانت عاقلة : فالأمر بيدها، فلما اختل عقلها صار لا بد لها من ولي.

ولهذا نقول: لا تتصرف في شيء من مالها إلا بعد أخذ ولاية من المحكمة .

فالواجب عليها الآن : أن تذهب إلى المحكمة ، وتبلغ القاضي بالواقع، وتطلب الولاية على أمها.

السائل: هل يحق للولي عمل نفس العمل؟

الشيخ: إذا صار ولياً فإنه لا يتصرف في مالها إلا فيما هو لازم .

أما التبرع : فلا يتصرف فيه بشيء" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (13/ 18).

وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: "عندي الوالِد فاقد الذاكرة ، من أربع وعشرين سنة، الوالدة تتصرف براتبه، وتتصدق من الراتب؟

فأجاب: الوالِد إذا كان فاقد للذاكرة : تذهبون إلى المحكمة ، وتُقيم وليًا على أمواله، لابد من أن المحكمة تُقيم مَن يتولى أمواله ويَحفظها ، ويُخرج الزكاة مِنها ، والديون الذي عَليه، لابُدّ من هذا، ولا يُترَك كلٌ يُتصرَف فيها من غير بصيرة." انتهى من موقع الشيخ:

http://www.alfawzan.af.org.sa/node/15555

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب