الحمد لله.
أولا:
ينبغي التريث في طلب الفراق، فإن كثيرا من المشاكل يمكن حلها بالتفاهم، والشيطان حريص على التفريق بيبن الزوجين، وربما زين لهم ذلك وأنه لا حل إلا الطلاق.
ولاشك أن المهر ملك للزوجة تتصرف فيه كما تريد، لكن ما كان لوالدك أن يقول ما قال، فإن هذا قد يفهم منه الزوج الطمع في المال.
واعلمي أن طلب الطلاق محرم إلا لعذر يبيح ذلك كسوء العشرة؛ لما روى أبو داود (2226)، والترمذي (1187)، وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود".
فالنصيحة أن تتكلمي مع زوجك، وأن تتفاهمي معه بشأن هذه المشاكل، ولو استدعى الأمر توسيط أحد الأقارب فافعلي، وليكن الطلاق هو آخر العلاج.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الطَّلَاقِ الْحَظْرُ ؛ وَإِنَّمَا أُبِيحَ مِنْهُ قَدْرُ الْحَاجَةِ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (32/293) .
ثانيا:
إذا حصل الطلاق قبل الدخول والخلوة، فلك نصف المهر المسمى؛ لقوله تعالى : وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ البقرة/ 237 .
وفي "الموسوعة الفقهية" (39/ 177) : " اتفق الفقهاء على أن من طلق زوجته قبل الدخول بها وقد سمى لها مهرا يجب عليه نصف المهر المسمى لقوله تعالى : ( وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ) ، وهو نص صريح في الباب فيجب العمل به " انتهى .
والمهر هنا 2000 دولار، فيلزمك إرجاع نصفه له، فإذا لم يكن المال موجودا فإنه يكون دينا عليك.
وأما الهدايا، كمحابس الخطبة والمصروف الذي دفعه خلال أربعة أشهر، فله المطالبة بها إن كان الطلاق قد تم بطلبك؛ لأنها هدايا بُذلت لغرض وهو الزواج ، وقد فات الغرض ، فجاز الرجوع فيها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وهذا المنصوص جار على أصول المذهب الموافقة لأصول الشريعة ، وهو أن كل من أُهدي، أو وُهب له شيء بسببٍ ، يثبت بثبوته ، ويزول بزواله ، ويحرم بحرمته ويحل بحله ...
ولو كانت الهدية قبل العقد وقد وعدوه بالنكاح ، فزوجوا غيره : رجع بها .
والنقد المقدم محسوب من الصداق ، وإن لم يكتب في الصداق ، إذا تواطئوا عليه "، أي إذا تعارفوا على أنه من الصداق (المهر). انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5/472).
وهذا المصروف يدخل في الهدايا، لأنه لا يجب عليه أن يصرف عليك حتى تنتقلي إلى بيته.
ثانيا:
للزوج أن يمتنع عن الطلاق، وأن يلجئك إلى طلب الخلع، ويحل له ذلك، ما دام أنه لم يضر بك بحيث يكون مأمورا بالطلاق شرعا.
وإذا تم الخلع، فإنه يكون بحسب ما تتفقان، كأن تتفقا على رد المهر وجميع ما دفع لك.
وينظر: جواب السؤال رقم : (26247) .
أما إن كان الزوج مضرا بالزوجة، وكان لها الحق في طلب الطلاق، فإنه لا يجوز له أن يلجئها للخلع، ولا يحل له ما يأخذه.
قال ابن عبد البر رحمه الله: " وأجمع العلماء على إجازة الخلع بالصداق الذي أصدقها إذا لم يكن مضرا بها وخافا ألا يقيما حدود الله ... فإذا كان النشوز من قبلها جاز للزوج ما أخذ منها بالخلع وإن كان أكثر من الصداق إذا رضيت بذلك وكان لم يضر بها، فإن كان لخوف ضرره أو لظلم ظلمها أو أضر بها لم يجز له أخذه، وإن أخذ شيئا منها على هذا الوجه رده ومضى الخلع عليه" انتهى من "التمهيد" (23/ 368).
والله أعلم.
تعليق