الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

إذا سمع أكثر من مؤذن، فهل يستحب الترديد خلف الجميع؟

279260

تاريخ النشر : 04-07-2023

المشاهدات : 7510

السؤال

عندما يؤذن أكثر من مؤذن في الوقت نفسه للأذان، هل نردد خلف الجميع أم خلف واحد فقط؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

الترديد خلف المؤذن سنة مؤكدة ، لورود الأمر بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: (إِذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ) رواه مسلم (384).

وإذا كان يسمع مؤذنين فأكثر ، فهل من السنة أن يجيبهم جميعهم ؟ أم إن المشروع إجابة أحدهم فقط؟

قيل: يكتفى بأذان الأول .

وقيل: يجيب كل مؤذن يسمعه؛ إذا كان أذانه مشروعا.

قال الشيخ عليش رحمه الله في "منح الجليل شرح مختصر خليل" (1/202): "وإذا أذن جماعة، واحدٌ عقب واحد؛ فاختار اللخمي: تكرير الحكاية. وقيل: يكفيه حكاية الأول" انتهى.

وقال المرداوي:

"ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا: إجَابَةُ مُؤَذِّنٍ ثَانٍ وَثَالِثٍ، وَهُوَ صَحِيحٌ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا: يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُمْ: حَيْثُ يُسْتَحَبُّ، يَعْنِي الْأَذَانَ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْأَذَانُ مَشْرُوعًا" انتهى من "الإنصاف" (1/426).

وقال ابن تيمية:

"وَيُجِيبُ مُؤَذِّنًا ثَانِيًا، وَأَكْثَرَ، حَيْثُ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ، كَمَا كَانَ الْمُؤَذِّنَانِ يُؤَذِّنَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَّا الْمُؤَذِّنُونَ الَّذِينَ يُؤَذِّنُونَ مَعَ الْمُؤَذِّنِ الرَّاتِبِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي مِثْلِ صَحْنِ الْمَسْجِدِ، فَلَيْسَ أَذَانُهُمْ مَشْرُوعًا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، بَلْ ذَلِكَ بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5/324) .

قال النووي رحمه الله: "إذا سمع مؤذنا بعد مؤذن هل يختص استحباب المتابعة بالأول أم يستحب متابعة كل مؤذن فيه خلاف للسلف ، حكاه القاضي عياض في شرح صحيح مسلم ، ولم أر فيه شيئا لأصحابنا ، والمسألة محتملة ، والمختار أن يقال : المتابعة سنة متأكدة يكره تركها ، لتصريح الأحاديث الصحيحة بالأمر بها ، وهذا يختص بالأول ، لأن الأمر لا يقتضي التكرار، وأما أصل الفضيلة والثواب في المتابعة فلا يختص . والله أعلم" انتهى من المجموع (3/ 119).

وقال في كشاف القناع (1/ 245): "(ويسن لمن سمع المؤذن ولو) سمع مؤذنا (ثانيا وثالثا حيث سُنَّ) الأذان ثانيا وثالثا، لسعة البلد أو نحوها . قال في المبدع: لكن لو سمع المؤذن وأجابه وصلى في جماعة لا يجيب الثاني لأنه غير مدعو بهذا الأذان" انتهى.

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " إذا سمع السامع الأذان أكثر من مرة لفرض واحد فهل يردد ما يقول المؤذنون أم يكتفي بالترديد خلف مؤذن واحد؟

ج: السنة أن يجيب الجميع ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول » فهذا عام يعم جميع المؤذنين، فيقول مثل قوله إلا عند الحيعلة يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله" انتهى من مجموع فتاواه (6/ 357).

وقال الشيخ ابن عثيمين:

"فيجيب الأول، ويجيب الثَّاني؛ لعموم قول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: (إذا سمعتم المؤذِّن فقولوا مثل ما يقول).

ثم هو ذِكْرٌ يُثاب الإنسان عليه" انتهى من "الشرح الممتع" (2/81).

ثانيا:

إذا تداخلت أصوات المؤذنين – كما يقع الآن – فإن استطاع أن يجيب الجميع: فذلك هو الأفضل، لما فيه من كثرة الذكر والثواب ، وإلا فيجيب ما يمكنه متابعته.

قال القليوبي الشافعي في "حاشيته على شرح المحلي" (1/149): "ويشمل ما ذكر ما لو تعدد المؤذنون، واختلطت أصواتهم ، فيجيب الكل ، وإذا ترتبوا فإجابة الأول أفضل" انتهى.

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "إذا أذن المؤذن أتابع المؤذن ولكن بعد فترة وجيزة تكثر أصوات المؤذنين وتتداخل الأصوات ولا أميز المؤذن الأول من الثاني فما العمل بارك الله فيكم؟

فأجاب رحمه الله تعالى: العمل في مثل هذه الحال إذا تداخلت أصوات المؤذنين ولم تعلم المؤذن الأول الذي كنت تابعته أن تتحرى بقدر الإمكان وتكمل الأذان، أو إذا كنت تعرف أن هناك مؤذنا يكون أذانه أبين من غيره فتنتظر حتى يشرع هذا المؤذن ثم تجيب" انتهى من فتاوى نور على الدرب.

وسئل رحمه الله: "إذا سمعت المنادي ينادي للصلاة في انتصاف الأذان هل أقول مثل ما يقول أم لابد من البداية من الأول ؟ وإذا كانت أصوات المؤذنين متداخلة بعضها مع بعض ولم أركز مع أحد ماذا أقول؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا سمعت المؤذن في أثناء الأذان وهذا يقع كثيرا إما أن يكون مكبر الصوت لم يظهر منه الصوت إلا في أثناء الأذان أو لغير ذلك من الأسباب فابدأ الأذان من الأول ثم تابع المؤذن ، وأما إذا اختلطت الأصوات فتابع من تسمعه أولا واستمر معه ، فإن أذن بعده مؤذن أعلى صوتاً منه وأخفى صوت الأول فابدأ مع هذا وتابعه حتى ينتهي" انتهى من فتاوى نور على الدرب.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب