الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

هل من الممكن أن يسبب السحر أمراضًا مزمنة كالسرطان ؟

280210

تاريخ النشر : 05-03-2018

المشاهدات : 151482

السؤال

هل يستخدم السحر الأسود لإصابة الشخص بالسرطان أو بالنوبة القلبية ؟

الجواب

الحمد لله.

" السحر الأسود " : مصطلح حادِث يعبِّر به السحرة عن السحر الذي يضرُّ المسحور في عقله أو قلبه أو بدنه أو أحد أعضائه ، أو يفسد بين الناس ، كسحر التعطيل والإتلاف ، وسحر الكراهية ونحو ذلك.

ويزعمون أنه سحر الفراعنة ، وسمَّوه بهذا الاسم نسبة إلى كتاب : ( السحر الأسود ) ، وهو كتاب يدَّعِي السحرة أنَّه وُجِدَ في مقبرة فرعونية قديمة ، وهو يحتوي على طلاسم ورموز فرعونية وتعاويذ معينة ، كان السحرة من الفراعنة يستخدمونها في تحضير الشياطين والاستعانة بهم .

ويعبرون عن السحر الذي ينفع ولا يضر بـ " السحر الأبيض " ، وهو الذي يفعلونه لمصلحة المسحور - على حد زعمهم - ؛ كسحر تحبيب الرجل في زوجته ويسمى بـ " التولة " ، أو سحر انسداد فرج المرأة لئلا يمكن جماعها قبل زواجها ، ويسمى بـ" سحر التصفيح ".

وهم يريدون بهذا التقسيم إيهام الناس بأن من السحر ما ينفع !

والحقّ أن السحر كله ضار لا ينفع ، ولا يوجد فيه أسود ولا أبيض ، وإن نفع في الحال ظاهرًا ؛ فإنه يضر في المآل حقيقة !

وقد قال الله عز وجل مبينًا أن السحر يضر ولا ينفع : ( وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ ) البقرة/102.

وينظر منتدى الرقية الشرعية ، بإشراف الشيخ : أبو البراء المعاني ، وهو أحد المتخصصين في علاج السحر: https://www.ruqya.net/forum/showthread.php?t=24096

والسحر له حقيقة وتأثير ، بإذن الله وتقديره ومشيئته الكونية العامة ؛ وقد يؤثر على عقل المسحور أو بدنه ، أو أحد أعضائه ؛ فيسبب له مرضًا مزمنًا كالسرطان أو النوبات القلبية أو غيرهما، أو يمنعه من الإنجاب ونحو ذلك.

ومما جاء يؤيد هذا : ما ثبت أن اليهود سحروا المسلمين في المدينة بألا يولد لهم ، فلما وُلد أول مولود لهم ، وهو عبد الله بن الزبير فرحوا فرحاً شديداً .

فعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ رضي الله عنهما أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ ، قَالَتْ : فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ ، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَنَزَلْتُ قُبَاءً فَوَلَدْتُ بِقُبَاءٍ ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعْتُهُ في حَجْرِهِ ، ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا ، ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ ، فَكَانَ أَوَّلَ شَيءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ حَنَّكَهُ بِالتَّمْرَةِ ، ثُمَّ دَعَا لَهُ فَبَرَّكَ عَلَيْهِ .

وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ في الإِسْلاَمِ ، فَفَرِحُوا بِهِ فَرَحًا شَدِيدًا ؛ لأَنَّهُمْ قِيلَ لَهُمْ إِنَّ الْيَهُودَ قَدْ سَحَرَتْكُمْ فَلاَ يُولَدُ لَكُمْ !!

رواه البخاري ( 5152 ) – واللفظ له - ، ومسلم ( 2146 ) .

وقد سئل فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين رحمه الله:

عن إمكانية أن يكون العقم لدى الرجل أو المرأة بسبب السحر ؟ .

فأجاب :

الأصل : أن العقم من تقدير الله تعالى وخلقه ، كما قال تعالى : ( وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا ) الشورى/ 50 ، وقال عن زكريا : ( وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِرًا ) مريم/ 5 ، فالله سبحانه قدَّر أن بعض خلقه لا يولَد له ، سواء من الرجال أو من النساء .

وقد يوجد لشيءٍ من ذلك علاج مؤثِّر بإذن الله تعالى ، فيزول العقم بواسطة بعض الأدوية والعقاقير ، وقد يكون خلقة أصلية لا تؤثر فيه العلاجات .

وقد يكون العقم بسبب عمل شيطاني من بعض السحرة والحسدة ، فيعمل أحدهم للرجل أو المرأة عملاً يبطل به أسباب الإنجاب ، وذلك بحيل خفية تساعده عليها الشياطين .

أو أن نفس الشيطان الملابس له يعمل في إبطال تأثير الوطء في الحبل ، سواء من الرجل أو المرأة ، فالشياطين الملابسة للإنس لهم من التمكن في جسم الإنسان ما أقدرهم الله عليه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ) متفق عليه ...

فيسعى في علاجه بالرقى والتعوذات ، والأدعية النافعة ، وكثرة ذكر الله تعالى ، وتلاوة القرآن ، والتقرب إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة ، والتنزه عن المحرمات والمعاصي ، وتنزيه المنزل عن آلات اللهو والباطل ونحو ذلك مما تتسلط به الشياطين ، وتتمكن من التأثير في الإنسان ، ويسبب بُعد الملائكة عن المنازل التي تظهر فيها المعاصي ، وبهذه الإرشادات يخف تأثير السحرة بإذن الله تعالى .

" الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة " أسامة بن ياسين المعاني ( ص 184 - 186 ) .

كما أنَّ من السِّحر ما يَقتُل المسحورَ ، وقد ذكر ذلك الفقهاء في كتبهم ، ومن ذلك :

قال أبو الوليد الباجي: " وإن سحر أهل دينه فإنه يؤدَّب ، إلا أن يقتل أحدًا بسحره ، فإنه يُقتل به " انتهى من "شرح مختصر خليل" (8/63).

وقال الموفق ابن قدامة: " النوع السادس: أن يقتله بسحر يقتل غالبًا ، فيلزمه القود ؛ لأنه قتله بما يقتل غالبًا ، فأشبه ما لو قتله بسكين.." انتهى من "المغني" (9/330).

وقال القرافي: " السحر له حقيقة ، وقد يموت المسحور ، أو يتغير طبعه وعادته ، وإن لم يباشره ، وقال به الشافعي ، وابن حنبل..." انتهى من "الفروق" (4/149).

وقال تقي الدين السبكي: " فَإِذَا اعْتَرَفَ أَنَّهُ قَتَلَ بِسِحْرِهِ إنْسَانًا ، فَكَمَا قَالَهُ ، وَأَنَّهُ مَاتَ بِهِ ، وَإِنَّ سِحْرَهُ يَقْتُلُ غَالِبًا؛ فَهَا هُنَا يُقْتَلُ قِصَاصًا..." انتهى من "فتاوى السبكي" (2/324).

وجاء في الموسوعة الفقهية (24/267) في حكم الساحر إذا قتل بسحره : " ذهب الجمهور .. إلى أن القتل بالسحر يمكن أن يكون عمدًا ، وفيه القصاص .

ويثبت ذلك عند المالكية بالبينة أو الإقرار.

وذهب الشافعية إلى أن الساحر إن قتل بسحره ، من هو مكافئ له : ففيه القصاص ، إن تعمد قتله به ، وذلك بأن يثبت ذلك بإقرار الساحر به ، حقيقة أو حكما ، كقوله قتلته بسحري ، أو قوله : قتلته بنوع كذا .

ويشهد عدلان يعرفان ذلك وقد كانا تابا ، بأن ذلك النوع يقتل غالبا. فإن كان لا يقتل غالبا ، فيكون شبه العمد " انتهى .

وقد سبق في الفتوى رقم : (69914) ، أن عمل السحر محرم ، بل من أكبر الكبائر ، وأن الساحر كافر عند جمهور أهل العلم ، وحدّه القتل .

وينبغي على المسلم أن يتحصن من السحر بقراءة القرآن ، وبالمحافظة على الأذكار والأوراد الشرعية ، وبأكل سبع تمرات عجوة على الريق .

وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في عدة فتاوى منها : (10513)، (126587).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب