الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

نقل الميت إلى بلد آخر واستعمال الأسمنت في القبر ونبشه وإخراج الميت منه

285547

تاريخ النشر : 01-01-2019

المشاهدات : 7908

السؤال

توفي زوجي قبل عدة أشهر بسبب أزمة قلبية أثناء عودته من المسجد بعد صلاة المغرب كان حينها على وضوء وكنا حينها في ماليزيا مع أطفالنا الأربعة لأننا ندرس الماجستير هناك، فهل يمكننا القول بأنه مات شهيدًا لأنه توفي أثناء طلبه العلم وكان ينفق علينا جميعًا ، فقد قرأت أنه من مات وهو يطلب العلم ويرعى أهله فهو شهيد؟ بسبب ضغط أهله اضطررنا إلى نقل جثته إلى موطنه لتتم صلاة الجنازة والدفن عليه هناك وهو الأمر الذي لم يكن يرغب به زوجي وقد علمت لاحقًا أن عائلته بنت على قبره بالاسمنت وقد أخبرتهم أن زوجي كان يعارض البناء على القبور وطلبت منهم عدم فعل ذلك ولكنهم لم يستمعوا لي فهل يقع الإثم على زوجي بسبب بنائهم على قبره مع العلم أنهم أخبروني أن سبب فعلهم ذلك أن المقبرة حصل الناس عليها بشكل غير قانوني وقد بنى الناس القبور فوق بعضها البعض بالاسمنت؟ وهل يجوز لي نقل الجثة من ذلك القبر إلى قبر آخر موافق للشرع في أرض يجوز فيها دفنه بشكل قانوني؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

من خرج يسعى على رزق عياله فهو في سبيل الله، كما في حديث عن كعب بن عُجرة رضي الله عنه قال: " مرَّ على النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجلٌ، فرأى أصحَابُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ جَلَدِه ونشاطِهِ، فقالوا:

يا رسولَ الله! لوْ كانَ هذا في سبيلِ الله؟

فقال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

 إنْ كانَ خرج يَسْعى على وَلَدِه صغاراً، فهو في سبيل الله ، وإنْ كان خرجَ يسْعى على أبوينِ شَيْخَينِ كبيرَينِ، فهو في سبيلِ الله، وإنْ كان خَرج يَسْعى على نفْسِه يَعَفُّها، فهو في سبيلِ الله، وإنْ كان خرجَ يَسْعى رياءً ومُفاخَرةً، فهو في سبيلِ الشيطانِ ".

قال المنذري رحمه الله في الترغيب والترهيب: "رواه الطبراني ورجاله رجال "الصحيح" انتهى.

وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (1692).

وجاء أن من خرج لطلب العلم، فهو في سبيل الله، لكنه حديث ضعيف، وهو ما رواه الترمذي (2647) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ العِلْمِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ) وضعفه الألباني.

ولاشك أن من خرج لذلك فهو على خير عظيم ، لكنه لا يعتبر شهيدا؛ لعدم الدليل على ذلك.

وقد ورد في ذلك حديث ضعيف. ونصه: (إذا جاء الموت لطالب العلم، وهو على هذه الحال، مات وهو شهيد ).

أخرجه البزار (138) ، والخطيب في " التاريخ " (9/247)، وقال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة (2126): " ضعيف جدا" انتهى.

ثانيا:

الأصل أن يدفن الميت حيث مات، ولا ينقل إلى بلد آخر إلا لغرض صحيح .

ومن ذلك : أن ينقل إلى بلده تطييباً لخاطر أهله وليتمكنوا من زيارته: فيجوز .   

قال ابن قدامة رحمه الله: " لا ينقل الميت من بلده إلى بلد آخر إلا لغرض صحيح.

وهذا مذهب الأوزاعي، وابن المنذر. قال عبد الله بن أبي مليكة: توفي عبد الرحمن بن أبي بكر بالحبشة، فحمل إلى مكة فدفن، فلما قدمت عائشة أتت قبره ثم قالت: والله لو حضرتك ما دُفنت إلا حيث مت، ولو شهدتك ما زرتك.

ولأن ذلك أخف لمؤنته وأسلم له من التغيير. فأما إن كان فيه غرض صحيح جاز.

وقال أحمد: ما أعلم بنقل الرجل يموت في بلده إلى بلد أخرى بأسا.

وسئل الزهري عن ذلك فقال: قد حمل سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، من العقيق إلى المدينة.

وقال ابن عيينة : مات ابن عمر هنا، فأوصى أن لا يدفن هاهنا، وأن يدفن بَسرِف" انتهى من "المغني" (2/ 380).

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : " قال جمهور الفقهاء : لا يجوز أن ينقل الميت قبل دفنه إلى غير البلد الذي مات فيه، إلا لغرض صحيح مثل أن يُخشى من دفنه حيث مات من الاعتداء على قبره ، أو انتهاك حرمته لخصومة أو استهتار وعدم مبالاة ، فيجب نقله إلى حيث يؤمن عليه .

ومثل أن ينقل إلى بلده تطييباً لخاطر أهله، وليتمكنوا من زيارته : فيجوز .

وإلى جانب هذه الدواعي وأمثالها اشترطوا أن لا يخشى عليه التغير من التأخير ، وأن لا تنتهك حرمته .

فإن لم يكن هناك داعٍ ، أو لم توجد الشروط : لم يجز نقله" انتهى من "فتاوى إسلامية " (2 / 31 ).

فلا حرج فيما قام به أهلك زوجك من نقله ليدفن عندهم ويتمكنوا من زيارته.

ثالثا:

السنة ألا يرفع القبر أكثر من شبر، ويحرم البناء عليه، ويكره أن يستعمل في القبر أسمنت أو طوب محترق، إلا للحاجة ، كأن يخشى عليه من نبش السباع، أو من السيل أو المطر.

قال في "تحفة المحتاج" (3/ 196): " إن خشي نبش أو حفر سبع أو هدم سيل : لم يكره البناء والتجصيص ، بل قد يجبان" انتهى.

وفي "الموسوعة الفقهية" (21/ 14): "ويكره وضع الآجر المطبوخ ، إلا إذا كانت الأرض رخوة؛ لأنها تستعمل للزينة، ولا حاجة للميت إليها، ولأنه مما مسته النار.

قال مشايخ بخارى: لا يكره الآجر في بلادنا للحاجة إليه ، لضعف الأراضي، وكذلك الخشب" انتهى.

رابعا:

يجوز نبش القبر ، ونقل الميت بعد دفنه ، لغرض صحيح، كأن يُدفن بلا غسل، أو في مكان مغصوب، أو ينقل عن مجرى السيل، أو يفرد عمن دفن معه.

قال في "كشاف القناع" (2/ 142) : " (ويجوز نبشه) أي: الميت (لغرض صحيح، كتحسين كفنه) لحديث جابر أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن أبي بعد ما دفن، فأخرجه فنفث فيه من ريقه، وألبسه قميصه أخرجه الشيخان.

(و) يجوز نقله لـ (بقعة خير من بقعته ، كـ) نبشه لـ (إفراده عمن دفن معه) ، لقول جابر: دفن مع أبي رجل ، فلم تطب نفسي ، حتى أخرجته ، فجعلته في قبر على حدة ".

وفي رواية " كان أبي أول قتيل - يعني يوم أحد - ، فدفن معه آخر في قبره، ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع الآخر ، فاستخرجته بعد ستة أشهر ، فإذا هو كيوم وضعته غير أذنه " رواهما البخاري" انتهى.

ومن الفقهاء من لا يجيز النبش والإخراج إلا لضرورة. وينظر: "مغني المحتاج" (2/ 58).

فإن كانت المقبرة مغصوبة ، أو لم تسمح الدولة في بقاء الميت فيها : فهذا عذر يبيح نقل الميت إلى مقبرة أخرى ، لكن مع استرضاء أهله بذلك ، وعدم الشقاق معهم ، وعدم إيذائهم بمثل ذلك .

وإن سمحت الدولة بذلك، فلا نرى النبش، لما قد يترتب عليه من إيذاء الميت، وحصول الخلاف والشقاق مع أهله.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب