الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

حكم التصرف في مال وممتلكات المصاب بالتوحد الحاد

287691

تاريخ النشر : 03-06-2018

المشاهدات : 7856

السؤال

نحن ثلاثة أشقاء ، أنا الأكبر سنا ، الأخ الأصغر منّي مصاب بالتوحّد الحاد ، هو تقريباً لا يفهم شيئاً عن العالم ، لقد حاولنا جميع العلاجات منذ أن تمّ تشخيصه بالتوحّد الشديد ، طيلة ال18 عاما كلها ، لكنه لا يزال مصابا بالتوحّد الشديد ، لا يستطيع أن يقرأ ، ولا يكتب ، ولا يمكنه التفاعل مع أيّ شخص ، فما هي حصته في الممتلكات ؟ وبخصوص ما يتعلق بالأعمال الخيرية ، والخيرات ، والحج ، وأضحية العيد ، وما إلى ذلك ، هل تسقط تلك الواجبات عنه؟ أمي لديها 5 أخوات ، و 2 إخوة ، وبسبب البيئة الإجتماعية لم تحصل أيّ من الأخوات على أيّ حصةٍ في الممتلكات ، تم تقسيم جميع الممتلكات فقط بين الأخوين ، كلاهما على قيد الحياة ، فما هو الحكم فيما يتعلّق بهذا الوضع ؟ هل الأخوات ملزماتٌ فعليّاً بتذكير الأخوة بالأحكام الإسلامية ، والبحث عن حقوقهن في الممتلكات ؟ وهل ينبغي للأخوة أنفسهم أن يقوموا بإعطاء أخواتهن نصيبهن الشرعي في الممتلكات؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا بلغ التوحد بالمصاب به حدا يوصف فيه بالتخلف العقلي ، أو يفقد معه التمييز والقدرة على الحكم على الأشياء من حوله ، فإنه يسقط عنه التكليف في هذه الحالة ، ويرفع القلم عنه ؛ فالعقل مناط التكليف ومحوره ، فإذا فُقِد لمرض ، أو خلل طارئ : زال التكليف نفسه ، فقد قال عليه الصلاة والسلام :   رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ : عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ  رواه أبوداود في " السنن " (رقم/4403) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".

وحيث كان معه عقله وتمييزه ، فهو مكلف.

وقد سبق بيان هذا مفصلا في جواب السؤال رقم : (214189) .

وعليه : ينبني مطالبته بالصلاة والصوم والأضحية ونحوها، فمع سقوط التكليف لا يطالب بشيء منها.

ومع بقاء التكليف يطالب بما يستطيع منها .

وأما الحج فإنه يُحج عنه من ماله ، إن كان مستطيعا بالمال ، عاجزا بالبدن .

فإن كان مدركا ، مستطيعا للحج بنفسه : لزمه ذلك ، ولم يجز أن يحج أحد عنه .

وأما الزكاة فتجب في ماله ، ولو فقد العقل؛ لأن الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون.

وينظر: جواب السؤال رقم : (75307) .

ثانيا:

إذا كان لأخيك ممتلكات، وكان عقله معه، فإنه يتصرف فيها بما يحب.

وإن لم يكن عقله معه، فإنها تُحفظ وتصان له، ولا يجوز لأحد أن يصرف منها إلا ما فيه مصلحة مالكها – غير العاقل - ، كنفقته لو احتاج إلى نفقة .

ويجب إخراج زكاة ماله ، إن كان مما تجب فيه الزكاة.

وفي "الموسوعة الفقهية" (45/ 162): " لا خلاف بين الفقهاء في أنه لا يجوز للولي أن يتصرف في مال المحجور ، إلا على النظر والاحتياط ، وبما فيه حظ له ، واغتباط؛ لحديث: ( لا ضرر ولا ضرار ).

وقد فرعوا على ذلك: أن ما لا حظ للمحجور فيه ، كالهبة بغير العوض ، والوصية ، والصدقة ، والعتق ، والمحاباة في المعاوضة : لا يملكه الولي .

ويلزمه ضمان ما تبرع به ، من هبة أو صدقة أو عتق، أو حابى به ، أو ما زاد في النفقة على المعروف ، أو دفعه لغير أمين، لأنه إزالة ملكه من غير عوض ، فكان ضررا محضا ...

ولا خلاف بين الفقهاء في أن على الولي الإنفاق من ماله على مَوْلِّيِّه ، وعلى من تلزمه مؤنته بالمعروف ، من غير إسراف ولا تقتير، لقوله تعالى: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما).

وزاد الشافعية والحنابلة: فإن قتر : أثم . وإن أسرف : أثم ، وضمن لتفريطه" انتهى.

ثالثا:

يجب تقسيم التركة كما قسمها الله تعالى، ولا يجوز حرمان وارث من نصيبه، وقد توعد الله من فعل ذلك، فقال بعد بيان قسمة المواريث:  تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ  النساء/13، 14 .

ولوالدتك وأخواتها مطالبة الأخوين بحقهن، ولهن مقاضاتهما في ذلك.

ويجب على الأخوين أن يعطوا أخواتهن نصيبهن من الميراث كاملا .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب