الحمد لله.
أولا:
يجوز للإنسان أن يقسم ماله بين ورثته في حياته، ويعتبر ذلك هبة منه لهم، ويلزمه العدل بينهم، فلا يفضل واحدا منهم إلا برضاهم.
ثانيا:
إذا كان المحل قد أخذه أحد الأبناء، وتم الاتفاق على أن يعوض بقية إخوته، ولم يكن في ذلك محاباة له دون بقية إخوته ، بغير رضاهم ؛ فقد صار المحل ملكا له، فإذا ارتفع سعره وباعه، فإن الربح له، ولا يؤثر كون المحل باسم والده .
وليس لوالده أن يأخذ منه شيئا إلا إذا احتاج، وأخذ ما لا يضر بالابن.
وهذه قاعدة عامة في أخذ الأب من مال أولاده، لا تختص بهذه المسألة. فيجوز للأب أن يأخذ ما يحتاجه من مال ولده إذا لم يضر به، فإن لم يحتج فليس له الأخذ؛ لما روى الحاكم (3123) عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أولادكم هبة الله لكم [يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ] فهم وأموالهم لكم ؛ إذا احتجتم إليها) .
وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2564)، وقال:
"وفي الحديث فائدة فقهيَّة هامَّة، وهي أنه يبيِّن أن الحديث المشهور (أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ) ليس على إطلاقه، بحيث أن الأب يأخذ من مال ابنه ما يشاء، كلا، وإنما يأخذ ما هو بحاجة إليه. والله أعلم" انتهى.
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (45/202) :
" ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْوَالِدَ لا يَأْخُذُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ شَيْئًا إِلا إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِ .
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ : إِذَا احْتَاجَ الأَبُ إِلَى مَالِ وَلَدِهِ ، فَإِنْ كَانَا فِي الْمِصْرِ وَاحْتَاجَ الْوَالِدُ لِفَقْرِهِ أَكَلَ بِغَيْرِ شَيْءٍ ، وَإِنْ كَانَا فِي الْمَفَازَةِ وَاحْتَاجَ إِلَيْهِ لانْعِدَامِ الطَّعَامِ مَعَهُ فَلَهُ الأَكْلُ بِالْقِيمَةِ ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَابِدِينَ .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ لِلأَبِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَا شَاءَ وَيَتَمَلَّكُهُ مَعَ حَاجَةِ الأَبِ إِلَى مَا يَأْخُذُهُ وَمَعَ عَدَمِهَا ، صَغِيرًا كَانَ الْوَلَدُ أَوْ كَبِيرًا بِشَرْطَيْنِ .
أَحَدُهُمَا : أَنْ لا يُجْحِفَ بِالابْنِ وَلا يَضُرَّ بِهِ ، وَلا يَأْخُذَ شَيْئًا تَعَلَّقَتْ بِهِ حَاجَتُهُ .
الثَّانِي : أَنْ لا يَأْخُذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ فَيُعْطِيهِ وَلَدَهُ الآخَرَ . " انتهى .
وينظر : "المغني" (6/ 320) .
وراجع للفائدة : جواب السؤال رقم : (9594) .
والله أعلم.
تعليق