الحمد لله.
أولا:
"البصمة الوراثية هي البِنْيَةُ الجينية (نسبة إلى الجينات، أي المورثات)، التي تدل على هوية كل إنسان بعينه.
وأفادت البحوث والدراسات العلمية أنها من الناحية العلمية وسيلة تمتاز بالدقة، لتسهيل مهمة الطــب الشرعي، ويمكن أخذها من أي خلية (بشرية) مـن الدم، أو اللعاب، أو المني، أو البول، أو غيره" انتهى من "قرار المجمع الفقهي".
ثانيا:
نتائج البصمة الوراثية تكاد تكون قطعية ، من حيث هي ، بعيدا عن عوامل التلوث ، والتلاعب .
وهما – التلوث ، والتلاعب - واردان جدا ، بل حاصلان أيضا ، كما أثبت ذلك بعض الدراسات المتعلقة بالبصمة الوراثية .
ينظر الكتاب المهم : "تفسيرات وراثية" ، سلسلة عالم المعرفة ، رقم 432 .
ولهذا يجوز الاعتماد عليها في الإثبات الجنائي ، كقرينة تحمل المتهم على الإقرار، أو يعتمد عليها في التعزير، لكن لا يعتمد عليها في الحدود والقصاص لأنها تدرأ بالشبهات، ولا تثبت بالقرينة، بل بالبينة (الشهود) أو الإقرار ، وقد روى ابن ماجه (2559) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَرَجَمْتُ فُلَانَةَ. فَقَدْ ظَهَرَ مِنْهَا الرِّيبَةُ فِي مَنْطِقِهَا وَهَيْئَتِهَا وَمَنْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا .
وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه".
وجاء في قرار المجمع الفقهي في دورته السادسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، في المدة من 21-26/10/1422هـ الـذي يوافقه من 5-10/1/2002م، وبعد النظر إلى التعريف الذي سبق للمجمع اعتماده في دورته الخامسة عشرة، ... وأن الخطأ في البصمة الوراثية ليس واردًا من حيث هي، وإنما الخطــأ في الجهد البشري ، أو عوامل التلوث ونحو ذلك. وبناء على ما سبق قـــرر مــا يلي:
أولاً: لا مانع شرعًا من الاعتماد على البصمة الوراثية في التحقيق الجنائي، واعتبارها وسيلة إثبــات في الجرائم التي ليس فيها حد شرعي ولا قصاص؛ لخبر: "ادْرَؤوا الحُدُودَ بالشُّبُهاتِ".
وذلك يحقق العدالة والأمن للمجتمع، ويؤدي إلى نيل المجرم عقابه وتبرئة المتهم، وهذا مقصد مهم من مقاصد الشريعة" انتهى.
وقال الأستاذ الدكتور محمد جبر الألفي: "الحكم الشرعي للأخذ ببصمة الجينات الوراثية:... ب- الإثبات الجنائي: تعتبر بصمة الجينات الوراثية من أقوى القرائن في مجال الإثبات الجنائي، فهي تساعد المحقق في الكشف عن مرتكبي الجرائم وشخصية الضحية، وهي من أقوى الوسائل لحمل المتهم على الإقرار بجريمته. أما إذا أنكر المتهم ما نسب إليه – رغم إثبات أن العينات التي جرى تحليلها تعود إليه بنسبة 99.9999% - فلا مانع من الأخذ بهذه القرينة القاطعة في إثبات الجرائم التعزيرية ومعاقبة مرتكبيها بما يردعهم عن المعاودة، ولكن لا يؤخذ بها في إثبات جرائم الحدود – كالزنا والسرقة – ولا في إثبات جرائم القتل، لما تقرر شرعاً من أن الحد لا يجب إلا بالإقرار أو البينة، ولقوله – صلى الله عليه وسلم –: "ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة".(رواه الترمذي)" انتهى من:
http://fiqh.islammessage.com/NewsDetails.aspx?id=8634
وهذا ما ذهب إليه أكثر المعاصرين ، وهو القول الراجح .
وذهب بعضهم إلى أنه يمكن أن تثبت الحدود بالقرائن، كثبوت حد الشرب برائحة الخمر، وثبوت الزنا بالحمل -كما هو مذهب المالكية- وفرعوا على ذلك جواز إثبات الحدود كحد السرقة بالبصمة الوراثية.
وذهب بعض الباحثين إلى جواز الاعتماد على البصمة في إثبات جرائم القتل والاعتداء على ما دون النفس، مع منع ذلك في الحدود.
وينظر تفصيل ذلك في بحث: "موقف الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية من استخدام البصمة الوراثية في الإثبات الجنائي"، للدكتور محمد المدني بوساق. وينظر تحت هذا الرابط:
https://goo.gl/zcEi3J
كما ينظر: "البصمة الوراثية ودورها في الإثبات الجنائي بين الشريعة والقانون" للأستاذ الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد، تحت هذا الرابط:
http://www.alukah.net/web/fouad/0/32101/#ixzz59oeHHLoy
والله أعلم.
تعليق