الحمد لله.
أولا:
لا يجوز لأحد في الجهة الحكومية أن يطلب مالا من الشركة أو المقاول؛ لأن ذلك سحت وأكل مال بالباطل، وإن كان برضا الشركة فهو رشوة وهدايا عمال محرمة.
ولا يجوز للشركة أن تدفع هذا المال الذي طلب منها إلا لدفع الظلم عنها، كأن يتسبب امتناعها في التعنت معها ، وحرمانها حقوقها ، أو إلزامها بما لا يلزمها، فتدفع الرشوة حينئذ لدفع هذا الظلم.
قال ابن الأثير رحمه الله: " الرِّشْوة والرُّشْوة: الوُصلة إلى الحاجة بالمُصانعة. وأصله من الرِشاء الذي يُتَوصَّل به إلى الماء.
فالراشي مَن يُعطِي الذي يُعِينه على الباطل. والمُرْتَشِي الآخِذُ. والرائِش الذي يسْعى بينهما يَسْتزيد لهذا ويَسْتنقِص لهذا.
فأمَّا ما يُعْطَى تَوصُّلا إلى أخْذِ حق، أو دَفْع ظُلْم : فغير داخل فيه.
رُوِي أنّ ابن مسعود أُخِذ بأرض الحَبشة في شيء، فأعْطَى دينارين حتى خُلّى سبيله.
ورُوِي عن جماعة من أئمة التابعين قالوا: لا بأس أن يُصانِع الرجل عن نفسه ومالِه، إذا خاف الظلم " انتهى من "النهاية في غريب الحديث" (2/ 226).
ولا يجوز أن تأخذ الشركة من مال الدولة عوضا عما أخذه الموظفون الظلمة؛ لأن مال الدولة ملك لعامة المسلمين، وليس ملكا لهؤلاء، فلا يجوز العدوان عليه.
والوسيط في الرشوة آثم ملعون؛ لما روى أحمد (6791) ، وأبو داود (3580) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: " لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي" صححه الألباني في "إرواء الغليل" (2621)، وعند أحمد: (وَالرَّائِشَ).
والرائش: هو الوسيط بينهما.
إلا أن يتوسط في دفعها للوصول إلى الحق أو رفع الظلم، ولو نأى بنفسه عن ذلك كان أولى.
ثانيا:
لا يجوز أن يضاف إلى المستخلصات الشهرية مواد أو تركيبات لم يتم تركيبها فعلا، لتعويض ما أخذه المندوب الحكومي؛ لأن ذلك غش وتزوير وأكل للمال العام، وقد تقدم أنه مال للمسلمين وليس لهذا المندوب الظالم ومن معه، فلا يحل العدوان عليه.
ويجوز أن تضاف هذه المواد إلى المستخلصات الشهرية ، في حال كون المواد المركبة فعلا قد حسبت بتكلفة أقل من تكلفتها الفعلية، إذا تم ذلك بمعرفة الجهة الحكومية، فإن بعض الأنظمة لا تسمح بوضع التكلفة العادلة لبعض المواد، فيتم الاتفاق على تسجيل مواد غير موجودة بالفعل ، لتعويض المقاول، وهذا كذب من الطرفين، لكنه جائز لإيصال الحق إلى مستحقه.
وعلى المسلم أن يتقي الله تعالى وأن يحذر الظلم، والرشوة، والكذب، فإن ذلك من الموبقات المهلكات.
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين.
والله أعلم.
تعليق