الحمد لله.
هذا الحديث رواه أَبُو الْفَتْح الْأَزْدِيّ- كما في "اللآلىء المصنوعة" (1/ 126)، ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/178)، من طريق بارح بْن أَحْمَد حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن مَالك الْهَرَويّ، حَدَّثَنَا سُفْيَان عَن جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ أَتَى عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ سَنَةً فَلَمْ يَغْلِبْ خَيْرُهُ شَرَّهُ فَلْيَتَجَهَّزْ إِلَى النَّار .
وقال ابن الجوزي :
" هَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ عَنْ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَّا الضَّحَّاكُ فَكَانَ شُعْبَةُ لَا يُحَدِّثُ عَنْهُ ، وَيُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ لَقِيَ ابْنَ عَبَّاسٍ.
وَأَمَّا جويبر: فَأَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِهِ، قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُشْتَغَلُ بِحَدِيثِهِ.
وَأَمَّا بارح فَقَالَ الأَزْدِيُّ: ضَعِيف جدا " انتهى .
فهذا إسناد تالف :
جويبر هو ابن سعيد الأزدي ، متروك ، كما قال الدارقطني والنسائي وغيرهما ، وضعفه ابن المديني جدا .
"ميزان الاعتدال" (2/222) - "التهذيب" (2/106)
والضحاك هو ابن مزاحم الهلالي : لم يلق ابن عباس.
وبارح بن أحمد هذا قال الأزدي: ضعيف جدا، وقال الخطيب: لم يكن من أصحاب الحديث.
"لسان الميزان" (2/ 3).
وقال الخطيب : " علامة الوضع لائحة عليه " انتهى، من "كشف الخفاء" (2/ 259)
ولا شك أن الذي ينبغي للعبد الناصح لنفسه ، وقد بلغ هذه السن ، أن يتجهز للآخرة ، غاية ما يمكنه ، وأن يغتنم ذلك مواتاة الزمان ، واستحكام القوة ؛ فإنه من بلغ العبد أربعين سنة فقد استحكم عقله، قال تعالى : وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ الأحقاف/15 .
قال مسروق رحمه الله: " إِذَا بَلَغْتَ الْأَرْبَعِينَ، فَخُذْ حِذْرَكَ ".
"تفسير ابن كثير" (7/ 281).
وقال القرطبي رحمه الله:
" ذَكَرَ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ مَنْ بَلَغَ أَرْبَعِينَ فَقَدْ آنَ لَهُ أَنْ يَعْلَمَ مِقْدَارَ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى وَالِدَيْهِ، وَيَشْكُرَهَا، قَالَ مَالِكٌ: أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا، وَهُمْ يَطْلُبُونَ الدُّنْيَا وَيُخَالِطُونَ النَّاسَ، حَتَّى يَأْتِيَ لِأَحَدِهِمْ أَرْبَعُونَ سَنَةً، فَإِذَا أَتَتْ عَلَيْهِمُ اعْتَزَلُوا النَّاسَ " انتهى من "تفسير القرطبي" (7/ 276)
والله أعلم.
تعليق