الثلاثاء 7 شوّال 1445 - 16 ابريل 2024
العربية

الكلام على حديث : ( إِنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ، إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ ).

291139

تاريخ النشر : 29-11-2018

المشاهدات : 46348

السؤال

حديث أريد معرفة درجة صحته إن وجد بهذا اللفظ ، فإني لم أجده به ، وآمل ذكر مصدره " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بئر بضاعة ، وهي بئر يطرح فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( الماء طهور لاينجسه شيء، إلا ما غير لونه ، أو طعمه ، أو ريحه ) ، الذي وجدته في سياق ذكر بئر بضاعة هو : ( الماء طهور لاينجسه شيء ) ، وأما لفظ غير طعمه أو ريحه فمستقل عن سياق البئر ؟

ملخص الجواب

حديث : ( الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ ) حديث صحيح ، أما زيادة: ( إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ ) فضعيفة باتفاق العلماء.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

الأصل في الماء الطهارة .

فإذا تغير لونه أو طعمه أو ريحه بنجاسة : فهو نجس .

وإذا لم تغيره النجاسة : فهو طهور، سواء كان قليلاً أو كثيراً.

ولكن متى احتاط المرء لدينه ، وخرج من خلاف العلماء في ذلك ؛ فترك الماء القليل الذي يعلم أن النجاسة قد وقعت فيه ، ولو لم تغير شيئا من أوصافه : فهو أحسن له ، وأبرأ لذمته ، لا سيما إذا كان الماء قليلا جدا ، فهنا يقوى جانب الاحتياط بتركه .

ينظر السؤال رقم: (224923)، (204777) .

ثانيا :

أما حديث بئر بضاعة:

فرواه أبو داود (66) ، والترمذي (66) ، والنسائي (326) ، وأحمد (11257)، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : " أَنَّهُ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِيَ بِئْرٌ يُطْرَحُ فِيهَا الْحِيَضُ وَلَحْمُ الْكِلَابِ وَالنَّتْنُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ  " .

وهو حديث صحيح، صححه الإمام أحمد ، كما في "إغاثة اللهفان" (1/156)، والبغوي في "شرح السنة" (2/ 61)، وابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" (3/ 309)، والنووي في "المجموع" (1/ 82)، وابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (21/ 41)، وغيرهم، بهذا اللفظ :   الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ   .

وقد روى ابن ماجه (521) ، والدارقطني (47) ، والبيهقي (1226) ، والطبراني في "الكبير" (7503) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:   إِنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ، إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ .

فزاد هذا الاستثناء في الحديث ، ولم يذكر فيه بئر بضاعة، فالظاهر أنه حديث آخر، غير حديث بئر بضاعة، وقد ضعف العلماء هذه الزيادة:

قال النووي رحمه الله:

" اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ، وَنَقَلَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَضْعِيفَهُ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، وَبَيَّنَ الْبَيْهَقِيُّ ضَعْفَهُ، وَهَذَا الضَّعْفُ فِي آخِرِهِ وَهُوَ الِاسْتِثْنَاءُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ (الْمَاءُ طهور لا ينجسه شيء) فصحيح مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ " انتهى من "المجموع" (1/ 110) .

وقال الحافظ العراقي رحمه الله:

" أخرجه ابْن مَاجَه من حَدِيث أبي أُمَامَة بِإِسْنَاد ضَعِيف، وَقد رَوَاهُ بِدُونِ الِاسْتِثْنَاء أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي سعيد ، وَصَححهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره " .

انتهى من "تخريج أحاديث الإحياء" (ص: 153) .

وقال ابن الملقن رحمه الله:

" الِاسْتِثْنَاء الْمَذْكُور ضعيفٌ، لَا يحلّ الِاحْتِجَاج بِهِ، لِأَنَّهُ مَا بَين مُرْسل وَضَعِيف " .

انتهى من "البدر المنير" (1/ 401) .

وقال الشيخ الألباني رحمه الله:

" مدار الحديث على راشد بن سعد ، وقد اختلف عليه، فمنهم من رفعه عنه، ومنهم من أوقفه، ومن رفعه؛ منهم من أسنده، ومنهم من أرسله .

وكل من المسند والمرسل ضعيف لا يحتج بحديثه، على أنه لو كان المرسِل ثقة، لكان علة قادحة في الحديث ؛ فكيف ومرسله ضعيف؟ " انتهى من "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (6/ 154) .

وينظر: "شرح معاني الآثار" (1/ 16)، "أحكام القرآن" لابن العربي (3/ 440)، "تخريج أحاديث الكشاف" (2/463)، "نصب الراية" (1/ 94)، "تحفة الطالب" (ص: 217)، "مصباح الزجاجة" (1/ 76)، "التلخيص الحبير" (1/ 16)، "تنقيح التحقيق" (1/ 28)، "إغاثة اللهفان" (1/ 156).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب