الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

حكم نبش القبر ونقل الميت إلى بلد أو مكان آخر

291220

تاريخ النشر : 02-10-2019

المشاهدات : 19487

السؤال

أنا عربية مسلمة ، أعيش في إحدى الدول الأوروبية ، ومن سنتين توفيت والدتي ، وقبل موتها أوصتني أن تدفن في دمشق ، وإن لم نستطع ذلك فلا بأس أن ندفنها حيث نعيش في إسبانيا ، وعند ماتت دفناها حيث نعيش في إسبانيا خيارها الثاني في الدفن ؛ بسبب ظروف الحرب هناك في سوريا ، واليوم الظروف أفضل ، فهل أستطيع أن أنقلها إلى دمشق بعد مرور سنتين ، خاصة إن أخي رحمه الله أوصى بأن تنقل رفات أمي إلى سوريا عندما تتحسن الأوضاع ، وقد رصد لنقلها مبلغا كبيرا ، علما بأن القبور هناك مختلطة الكفار مع المسلمين ، ولكن حرصنا أن ندفن أمي وأقاربنا في جهة يتدافن فيها المسلمون ، وأيضا ندفع كل خمس سنوات مبلغا ماليا نظير القبر ، وإن لم ندفع فإما أن ننقل الرفات إلى مكان آخر ، أو يتخلصون منه بمعرفتهم ، والحمد لله تعالى نحن أسرة ميسورة . سؤالي : هل أترك أمي في قبرها أم أنقلها إلى دمشق بناء على رغبتها الأولى ، ووصية أخي المرحوم بنقلها ؟ وهل أقدر أن أبقيها في مكانها أم أنقل قبرها بالقرب من زوجي المتوفي حديثا بنفس المقبرة ، علما بأن القانون هناك يفرض على المسلمين وغيرهم دفنهم بالتابوت ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يحرم نبش الميت وإخراجه من قبره ، إلا لسبب شرعي، كأن يدفن إلى غير القبلة، أو في أرض مغصوبة؛ لما في النبش والإخراج من هتك حرمته، وتعريضه للتهتك والتمزق.

قال النووي رحمه الله: " وَأَمَّا نَبْشُ الْقَبْرِ فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ " انتهى من "المجموع" (5/ 273).

وقال في "المنهاج" ص62: "ونبشه بعد دفنه للنقل وغيره: حرام ، إلا لضرورة؛ بأن دفن بلا غسل أو في أرض أو ثوب مغصوبين، أو وقع فيه مال، أو دفن، لغير القبلة" انتهى.

وقال البهوتي في "كشاف القناع" (2/ 86): "(فلو دفن قبل الغسل ، من أمكن غسله : لزم نبشه) وأن يخرج ويغسل، تداركا لواجب غسله ، (ما لم يخف تفسخه أو تغيره) ، فإن خيف ذلك ترك بحاله وسقط غسله، كالحي يتضرر به ...

(ومثله) أي مثل من دفن بلا غسل أمكن : (من دُفن غير متوجه إلى القبلة) ، فينبش ويوجه إليها، تداركا لذلك الواجب ...

(أو دفن قبل تكفينه) ، فيخرج ، ويكفن . نص عليه [يعني الإمام أحمد] .

(ويجوز نبشه لغرض صحيح ، كتحسين كفنه) لحديث جابر قال أتى النبي عبد الله بن أبي ابن سلول بعد ما دفن، فأخرجه ، فنفث فيه من ريقه وألبسه قميصه رواه الشيخان، (و) كـ (دفنه في بقعة خير من بقعته) التي دفن فيها فيجوز نبشه لذلك.

(و) لـ (مجاورة صالح) ، لتعود عليه بركته...

(ويجوز نبشه) أي الميت (إذا دفن لعذر بلا غسل ولا حنوط) ، فيغسل ويحنط ، لأنه غرض صحيح ، (وكإفراده في قبر عمن دفن معه) ؛ أي يجوز نبشه لذلك لقول جابر دفن مع أبي رجل، فلم تطب نفسي حتى أخرجته، فجعلته في قبر على حدة ".

وفي رواية " كان أبي أول قتيل ، يعني يوم أحد ، فدفن معه آخر في قبره، ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع الآخر ، فاستخرجته بعد ستة أشهر ، فإذا هو كيوم وضعته غير أذنه " رواهما البخاري" انتهى.

وما دام أن والدتك قد دفنت في جهة يتدافن فيها المسلمون، وكان ما يؤخذ من مال على المقبرة، لا يشق عليكم، فالأولى عدم إخراجها من قبرها، لا لنقلها لدمشق، ولا لتكون إلى جوار زوجك؛ لما في النبش والنقل من هتك الحرمة والتعرض للتفسخ والكسر ونحوه، لا سيما مع ما في النقل من تلك البلاد البعيدة، إلى سورية، من المشقة البالغة، والكلفة العالية.

وقد شدد جماعة من الفقهاء في حكم النبش للنقل، ونسبت "الموسوعة الفقهية" المنع لجمهور العلماء .

جاء فيها (40/ 32): "ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يجوز نبش القبر من أجل نقل الميت إلى مكان آخر، قال ابن الهمام: اتفقت كلمة المشايخ - مشايخ الحنفية - في امرأة دفن ابنها وهي غائبة في غير بلدها ، فلم تصبر ، وأرادت نقله: أنه لا يسعها ذلك.

فتجويز شواذ بعض المتأخرين [يعني: من الحنفية] لا يلتفت إليه، ولم يعلم خلاف بين المشايخ في أنه لا ينبش" انتهى.

ثانيا:

يكره وضع الميت في تابوت إلا لحاجة كأن تكون الأرض ندية.

وفي "الموسوعة الفقهية" (2/ 111): " يكره دفن الميت في تابوت بالإجماع؛ لأنه بدعة، ولا تنفذ وصيته بذلك،

ولا يكره للمصلحة، ومنها الميت المحترق إذا دعت الحاجة إلى ذلك" انتهى.

ولكن .. إذا كنتم مكرهين على ذلك من جهة القانون ، فلا إثم عليكم .

وينظر: جواب السؤال رقم : (34511) .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب

موضوعات ذات صلة