الحمد لله.
أولا:
حكم السمسرة
لا حرج في الدلالة والسمسرة بمقابل، سواء كان المقابل مبلغا مقطوعا، أو كان نسبة على الراجح.
وفي "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/ 131): "يجوز للدلال أخذ أجرة بنسبة معلومة من الثمن الذي تستقر عليه السلعة مقابل الدلالة عليها، ويستحصلها من البائع أو المشتري، حسب الاتفاق، من غير إجحاف ولا ضرر." انتهى.
ثانيا:
هل يستحق الدلال ما زاد على دل عليه؟
لا يستحق الدلال أجرة إلا على ما دل عليه، وهو العمل في أحواض الزراعة هنا، وأما ما تبع ذلك من أعمال لم يدل عليها، فلا يستحق عليها شيئا؛ لأن الربح إنما يستحق بالعمل، أو بالمال أو بالضمان. والدلال في غير ما دلّ عليه لم يشارك بشيء من ذلك، فلا يستحق ربحا.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (26/ 60):
"استحقاق الربح: لا يُستحق الربح إلا بالمال أو العمل أو الضمان؛ فهو يُستحق بالمال، لأنه نماؤه فيكون لمالكه. ومن هنا استحقه رب المال في ربح المضاربة. وهو يُستحق بالعمل، حين يكون العمل سببه: كنصيب المضارب في ربح المضاربة، اعتبارا بالإجارة.
ويُستحق بالضمان، كما في شركة الوجوه. لقوله صلوات الله وسلامه عليه: (الخراج بالضمان) أو (الغلة بالضمان)، أي من ضمن شيئا فله غَلته. ولذا ساغ للشخص أن يتقبل العمل من الأعمال كخياطة ثوب - ويتعهد بإنجازه لقاء أجر معلوم، ثم يتفق مع آخر على القيام بهذا العمل بأجر أقل من الأجر الأول، ويربح هو فرق ما بينهما حلالا طيبا - لمجرد أنه ضمن العمل، دون أن يقوم به: وعسى أن لا يكون له مال أصلا.
فإذا لم يوجد أحد هذه الأسباب الثلاثة، التي لا يستحق الربح إلا بواحد منها، لم يكن ثم سبيل إليه. ولذا لا يستقيم أن يقول شخص لآخر: تصرف في مالك على أن يكون الربح لي، أو على أن يكون الربح بيننا - فإن هذا عبث من العبث عند جميع أهل الفقه، والربح كله لرب المال دون مزاحم." انتهى.
وعليه فليس لصاحبك إلا ما اتفقتما عليه بشأن المشروع الأول، على صفته الأولى، دون ما زيد فيه، أو جاء بعده.
وينظر جواب سؤال: دلّ سمسارا على زبون فهل يستحق عمولة كلما جرت معاملة بين السمسار والزبون؟
ثالثا:
ليس لك أن تأخذ راتبا مقابل الإشراف، بحجة أنه مقابل عملك الزائد على عملك صديقك؛ لأن صديقك لم يشارك في الأصل بعمل، بل شركته محصورة في الدلالة، وما عدا ذلك فهو من مسئوليتك؛ إلا الأعمال التي لم تجر العادة بقيامك بها، فهذه تستأجر لها عمالا يقومون بها. وقد كان يمكنك أن تشترط نسبة أعلى من الربح؛ لما تقوم به من أعمال، أما الآن فيلزمك الوفاء بما اتفقتما عليه.
ولمزيد الفائدة حول أحكام السمسرة ينظر : جواب السؤال رقم: (183100).
والله أعلم.
تعليق