الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

حكم التلقيح أو أطفال الأنابيب إذا كان يقوم به طبيب رجل

293877

تاريخ النشر : 26-09-2021

المشاهدات : 12448

السؤال

أختي غير قادرة على الإنجاب منذ 5 سنوات من زواجها. هي وزوجها قد خططا للحصول على أطفال الأنابيب، ولكن الأطباء المؤهلين لهذا العمل هم من الذكور فقط. هناك عدد قليل من الطبيبات لكن العلاج لديهن مكلف للغاية لا تستطيع أختي وزوجها تحمل تكاليفه وأيضا الطبيبات خبرتهن في هذا العمل غير معروفة. يرغب زوجها في معرفة إذا كان بإمكان أختي الحصول على العلاج من خلال الأطباء الذكور حيث قالوا إن جميع العمليات ستجرى في حضور الممرضات.

الحمد لله.

حكم التلقيح الصناعي

إنجاب الأطفال عبر التلقيح الصناعي، الذي يستعمل فيه مني الزوج، ومني الزوجة، ثم توضع اللقيحة في رحمها: محل خلاف بين الفقهاء المعاصرين، والراجح جوازه بشروط سبق بيانها في جواب سؤال: (حكم الإنجاب بطريقة (I V F))، برقم (98604) ، ومنها: "عدم كشف المرأة عورتها على رجال مع توفر النساء".

وهذا الحكم العام في التداوي، فلا يجوز للمرأة أن تكشف عورتها لطبيب رجل إذا وجدت طبيبة تتقن العمل؛ لأن نظر الجنس إلى الجنس أخف. ويتأكد المنع إذا كان الكشف للعورة المغلظة.

متى يجوز لطبيب رجل عمل التلقيح الصناعي؟  

فإذا لم توجد طبيبة متقنة، أو كانت أجرتها فوق العادة بكثير يترتب عليه مشقة، جاز اللجوء إلى طبيب أمين للقيام بالتوليد، أو بالتلقيح الصناعي، أو بالكشف الطبي بوجه عام، بشرط انتفاء الخلوة، بوجود محرم أو امرأة ثقة.

قال الخطيب الشربيني رحمه الله: " (و) اعلم أن ما تقدم من حرمة النظر والمس : هو حيث لا حاجة إليهما.

وأما عند الحاجة : فالنظر والمس (مباحان ، لفصد وحجامة وعلاج) ، ولو في فرج؛ للحاجة الملجئة إلى ذلك؛ لأن في التحريم حينئذ حرجا. فللرجل مداواة المرأة ، وعكسه، وليكن ذلك بحضرة محرم أو زوج أو امرأة ثقة ، إن جوزنا خلوة أجنبي بامرأتين ، وهو الراجح.

ويشترط عدم امرأة يمكنها تعاطي ذلك من امرأة، وعكسه، كما صححه في زيادة الروضة، وأن لا يكون ذميا مع وجود مسلم، وقياسه ، كما قال الأذرعي : أن لا تكون كافرة أجنبية مع وجود مسلمة على الأصح، صرح به في الكفاية.

ولو لم نجد لعلاج المرأة إلا كافرة ومسلما : فالظاهر كما قال الأذرعي: أن الكافرة تقدم؛ لأن نظرها ومسها أخف من الرجل ...

وقيّد في الكافي الطبيب بالأمين، فلا يعدل إلى غيره مع وجوده، كما قاله الزركشي.

وشرط الماوردي أن يأمن الافتتان، ولا يكشف إلا قدر الحاجة، كما قاله القفال في فتاويه" انتهى من مغني المحتاج (3/ 133).

ومن قرارات مجمع الفقه الإسلامي: " الأصل أنه إذا توافرت طبيبة متخصصة ، يجب أن تقوم بالكشف على المريضة ، وإذا لم يتوافر ذلك ، فتقوم بذلك طبيبة غير مسلمة ثقة، فإن لم يتوافر ذلك يقوم به طبيب مسلم، وإن لم يتوافر طبيب مسلم ، يمكن أن يقوم مقامه طبيب غير مسلم. على أن يطّلع من جسم المرأة على قدر الحاجة في تشخيص المرض ومداواته ، وألا يزيد عن ذلك ، وأن يغض الطرف قدر استطاعته، وأن تتم معالجة الطبيب للمرأة هذه : بحضور محرم أو زوج أو امرأة ثقة ، خشية الخلوة " انتهى نقلا عن مجلة المجمع (ع 8، ج 1 ص 49).

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله عن التلقيح الصناعي:

"هذا الموضوع فيه تفصيل، قد درسه أعضاء المجمع الفقهي بمكة، في الرابطة ، في دورة مضت، وبينوا في قرارهم الأنواع الممنوعة، والأنواع الجائزة.

وهذا الذي سأل عنه السائل، على حالتين:

أحدهما أجازه المجمع، والثاني منعه بإجماع المسلمين.

أما الذي أجازه المجمع، فهي أن تكون المرأة لا تنجب، بسبب مرض في المبيض أو في القنوات، التي توصل المني إلى الرحم، أو الرجل كذلك، ليسا بعقيمين، ولكن هناك أسباب عرفها الأطباء، في الرجل أو في المرأة، ورأى الطبيب المختص أنه في الإمكان أخذ المني، من الرجل، من زوجها، ثم حقنه فيها، في رحمها، وأن هذا قد يلقحها بإذن الله، وينفع بإذن الله، من الزوج نفسه، بصفة خاصة، لا يحضرها إلا الطبيب المختص، أو الطبيبة، والواجب الطبيبة إن تيسرت طبيبة، أنثى، فتولى ذلك، يأخذه الزوج من نفسه، ويعطيها المرأة تحقنه في رحم الزوجة، وإن كان لا يستطيع أخذه الرجل منه، ثم أعطاه المرأة وتحقنه في رحم المرأة، إذا تيسرت امرأة، فإن لم يتيسر امرأة تعرف ذلك، جاز للرجل للضرورة أن يأخذه من الزوج، ثم يحقنه بالإبرة في رحمها.

هذه صورة من الصور التي أجازها المجمع، وذكر أنها استعملت ونجحت، مع أن فيها خطرا يجب الاحتياط فيه، وهي أن تكون العملية بحضرة الزوج والزوجة، والطبيب المختص والطبيبة المختصة، من دون أن يحضر ذلك أحد؛ لأن المرأة تنكشف فلا يحضرها ولو محارمها؛ لأن المحرم لا يرى العورة، ليس له رؤية العورة، ما بين السرة والركبة لا يراه إلا الزوج، الذي يباح له الاتصال بها، ففي هذه الحال إذا رأى الطبيب المختص أو الطبيبة المختصة، أن هذا ينفع وأن ليس هناك عقم يمنع الحمل، وإنما هو شيء من المرض في مبيض المرأة، أو في قنواتها، أو الرجل ليس منيه يصل لضعف في منيه، لا يصل إلى محل الحمل من المرأة، أو لأسباب أخرى، فيؤخذ بالأنبوب بالإبرة، ويحقن في رحم المرأة.

هذا هو الجائز. والأحوط تركه، حتى ولو قلنا بجوازه؛ لئلا يجر إلى ما لا تحمد عقباه، رغم أنه بين الزوجين؛ لئلا يجر الزوجة أن تفعل شيئا خلاف ذلك، وتزعم أنه من زوجها؛ لأنه تحيط به الأخطار، فتركه أولى عند أهل العلم، إلا عند الحيطة الكاملة.

أما أن يؤخذ المني من غير الزوج؛ ليحقن في زوجة الرجل، فهذا محرم بإجماع المسلمين، هذا من جنس الزنى كونها تأخذ ماء من غير زوجها؛ لتحقنه فيها لعلها تحمل بماء هذا الرجل الأجنبي، هذا منكر، وهذا لا يجوز، ويجب تعزيرهما جميعا ، وتأديبهما جميعا من ولي الأمر، إذا ثبت ذلك، حتى لا يقع مثل ذلك.

أو صورة ثانية، وهي ما إذا أخذ من ماء الرجل والزوجة جميعا، وجعلا في أنبوب حتى يمتزجا، ويختلطا على صفة خاصة عند الأطباء، ثم يحقن الماءان في رحم المرأة، بعد اختلاطهما بالأنبوب الخاص الذي يفعله الطبيب، وهذه أخطر من الأول، وأشد خطرا؛ لأنها قد توضع في أنبوب يختلط في أنابيب عند الأطباء، قد يقع أخذ ماء من غير الزوجة أو من غير الزوج، بشيء من الحيل، أو شيء من التساهل الديني.

فالحاصل: أن هذه أجازها المجمع بالأكثرية، وبعض أعضائه لم يجزها، وبعض أعضائه توقف، وأنا ممن توقف في ذلك؛ لأنها خطيرة" انتهى من فتاوى نور على الدرب (21/ 432).

 والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب