الحمد لله.
أولا:
لا يجوز لهذه المرأة أن تكتب جميع الأرض لابنة أختها لتحرم الوارث وهو أخوها، سواء وهبت ذلك في حياتها وملكته لابنة أختها، أم كتبت الأرض وصية لها تأخذها بعد موتها؛ لأن التحايل على إسقاط إرث الوارث محرم.
فإن كان من باب الوصية: تعلق به تحريم من وجه آخر وهو الزيادة على الثلث، فتحرم الوصية بما زاد على ثلث التركة، ولا تنفذ إلا بموافقة الورثة.
روى البخاري (5659)، ومسلم (1628) عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ أَنَّ أَبَاهَا قَالَ : "تَشَكَّيْتُ بِمَكَّةَ شَكْوًا شَدِيدًا، فَجَاءَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، إِنِّي أَتْرُكُ مَالًا، وَإِنِّي لَمْ أَتْرُكْ إِلَّا ابْنَةً وَاحِدَةً، فَأُوصِي بِثُلُثَيْ مَالِي وَأَتْرُكُ الثُّلُثَ؟ فَقَالَ: (لَا)، قُلْتُ: فَأُوصِي بِالنِّصْفِ وَأَتْرُكُ النِّصْفَ؟ قَالَ: (لَا)، قُلْتُ: فَأُوصِي بِالثُّلُثِ وَأَتْرُكُ لَهَا الثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: (الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ).
قال في "شرح منتهى الإرادات" (2/456): " (وتحرم) الوصية (ممن يرثه غير زوج أو) غير (زوجة بزائد على الثلث لأجنبي، ولوارث بشيء)؛ نصًّا [أي : نص عليه الإمام أحمد] سواء، كانت في صحته أو مرضه.
أما تحريم الوصية لغير وارث بزائد على الثلث فلقوله صلى الله عليه وسلم لسعد حين قال: أوصي بمالي كله؟ قال: لا. قال فالشطر؟ قال لا. قال: فالثلث. قال: الثلث والثلث كثير» الحديث " متفق عليه" انتهى.
ثانيا:
يجوز لهذه المرأة- إذا كانت عاقلة رشيدة- أن توصي لابنة أختها بالثلث فأقل من التركة؛ لأن الوصية لغير الوارث بما لا يزيد على الثلث جائزة، ويلزم تنفيذها بعد وفاتها، فتأخذ البنت ثلث الأرض، ويكون الباقي للورثة.
وإذا ماتت المرأة ولم تترك زوجا ولا أصلا ولا فرعا، وتركت أخا وأبناء إخوة، فالميراث كله للأخ، بعد سداد الدين إن وجد وتنفيذ الوصية.
ثالثا:
يجوز لها أن تتبرع بالأرض لبناء مسجد، تقربا إلى الله تعالى، دون قصدٍ لحرمان أخيها، فتفعل ذلك في حياتها، ولا تكتبه وصية، وخير لها ألا تفعل، وإن أرادت الصدقة والخير، ولم يكن من قصدها حرمان وراثها؛ بل تدع لورثتها من مالها شيئا، وتتقرب إلى الله بما أحبت.
فإن جعلته وصية لم تنفذ إلا في الثلث، وكان الباقي موقوفا على إذن الورثة.
والله أعلم.
تعليق