الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

إذا ارتد الإنسان تحت تأثير السحر وترك الواجبات فماذا عليه إذا عاد؟

295121

تاريخ النشر : 29-10-2022

المشاهدات : 2568

السؤال

لدي صديقة أصيبت بفقد عقلها، ومن ثم تصحو بعد شهور، وكأنها صحت من كابوس، وترجع طبيعية ١٠٠٪؜، و كأن لم يكن شيئا، أصيبت بتشنجات صرعية بعمر ٢٠ سنة، وكانت بداية الخلل لديها، وبعدها دخلت بحالة فقد العقل بعمر ال ٢٢، ثم مرة أخرى تشنج، ثم تدخل بفقد العقل، وهكذا، خلال ١٠ سنوات أصيبت بحالة فقد العقل ٤ مرات، وتشنجت ٥ مرات، في ثاني مرة فقدت عقلها اكتشفنا أن خادمتها قد عملت عملا، وقرأنا على البيت وعليها، ورجعت طبيعية، واستمرت بعدها طبيعية ٧ سنوات، المشكلة أنها امرأة متدينة، وتحرص على علم التوحيد والفقه، وعندما تصيبها الحالة تكون مسيحية ولا تعترف بالإسلام! أفيدوني بحالتها، فقد عملت أشعة الرنين المغناطيسي، وعملت تخطيط المخ، ودائما تكون سليمة.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

نسأل الله أن يشفي صديقتك ويعافيها. والظاهر أنها أصيبت بسحر كما ذكرت، فينبغي العناية برقيتها، وعرضها على راق جيد؛ فإن السحر مهما كان قويا؛ فإنه يمكن العلاج منه بإذن الله.

ثانيا:

إذا غاب وعي الإنسان بسبب سحر أو غيره، فإنه لا يؤاخذ على ما تركه من العبادات خلال فقد الوعي، ولا يلزم بقضاء ما تركه؛ لعدم التكليف؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ رواه أبوداود (4403)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".

قال الآمدي رحمه الله :

"اتفق العقلاء على أن شرط المكلف أن يكون عاقلا فاهما للتكليف؛ لأن التكليف وخطاب من لا عقل له ولا فهم محال، كالجماد والبهيمة.

ومن وجد له أصل الفهم لأصل الخطاب، دون تفاصيله؛ من كونه أمرا ونهيا، ومقتضيا للثواب والعقاب، ومن كون الآمر به هو الله تعالى، وأنه واجب الطاعة، وكون المأمور به على صفة كذا وكذا - كالمجنون والصبي الذي لا يميز -: فهو بالنظر إلى فهم التفاصيل؛ كالجماد والبهيمة، بالنظر إلى فهم أصل الخطاب، ويتعذر تكليفه أيضا" انتهى من " الإحكام في أصول الأحكام " (1/150).

لكن تلزم الزكاة في مالها إن كان لها مال؛ لأن الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون.

وينظر: جواب السؤال رقم:(75307). 

ثالثا:

إذا ارتد الإنسان تحت تأثير السحر، فلا إثم عليه؛ لعدم الاختيار.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح قول الزاد: "فَمَنِ ارْتَدَّ عَنِ الإسْلاَمِ وَهُوَ مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ":

" اشترط المؤلف فقال: وهو مكلف؛ وهذا يتضمن شرطين: البلوغ، والعقل، فإن كان غير عاقل فلا حكم لقوله؛ لأنه مجنون، والمجنون لو قال: إن الله ثالث ثلاثة، أو إن الله اثنان، أو إن الله ليس بموجود، أو ما أشبه ذلك مما يكفر به العاقل فإنه لا يكفر؛ لأنه مجنون.

ولا فرق بين أن يكون فقد عقله بالجنون، أو بغير ذلك، فلو فقد عقله بآفة غير الجنون كالبرسام مثلاً، أو فقد عقله بحادث وصار يهذي، أو فقد عقله بكِبَر وصار يهذي، أو فقد عقله بشرب مسكر غير عالم به، أو فقد عقله بشرب مسكر معذوراً به، كمن شربه لدفع لقمة غَصَّ بها... فإنه لا يكفر لفقدان العقل...

"فشروط الردة خمسة:

البلوغ، والعقل، والاختيار، والإرادة، والعلم بالحال والشرع، فإذا انتفى واحد منها فإن الردة لا تثبت" انتهى من "الشرح الممتع" (14/452).

فإذا عادت لرشدها، لزمها أن تقوم بما يجب عليها.

ونسأل الله تعالى أن يشفيها ويعافيها ويصرف عنها السوء.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب