الحمد لله.
يجوز الحج عن المسلم الفاقد للذاكرة، وعن المجنون، إذا كان الحج لغير الفريضة.
وأما حج الفريضة فلا يحج عنهما في حياتهما؛ لاحتمال تذكر فاقد الذاكرة، وإفاقة المجنون .
إلا إن جزم طبيبان ثقتان ، بأن عودة الذاكرة ميؤوس منها، فيُحج عنه الفريضة.
قال النووي رحمه الله: " قد ذكرنا أنه إذا كان مريضا غير مأيوس منه : لا يجوز أن يستنيب .
ولو استناب ومات: لا يجزئه على أصح القولين".
ثم قال: "يعرف كون المريض مأيوسا منه ، بقول مسلمَين عدلين من أهل الخبر...
(فرع): الجنون غير مأيوس من زواله.
قال صاحب الشامل والأصحاب: فإذا وجب عليه الحج، ثم جُن : لا يستناب عنه .
فإذا مات : حُج عنه .
وإن استناب ، وحج عنه في حال حياته ، ثم أفاق : لزمه الحج ، قولا واحدا ، كما سبق في المريض إذا شُفي ...
(فرع): قد ذكرنا أن مذهبنا أن المريض غير المأيوس منه: لا يصح استنابته في الحج .
وكذا المجنون: لا يجوز استنابته في حج الفرض عندنا، وبه قال أحمد وداود .
وحكى أصحابنا عن أبي حنيفة جوازه في المسألتين ، قال : ويكون موقوفا ؛ فإن صح : وجب فعله ، وإن مات : أجزأه" انتهى من "المجموع" (7/ 116).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" يبقى الحج عن المعضوب – العاجز عن الحركة عجزا مزمنا - هل يجزئ عنه بدون إذنه؟
قال أصحابنا: لا يجزئ عنه بدون إذنه .
ويتوجه ...- قال محقق الكتاب: بياض في النسختين. ولعل السقط: ويتوجه جواز ذلك، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم شبهه بالدين: والدين تبرأ الذمة بوفائه بدون إذنه. والله أعلم -.
وأيضا:
فإن ذلك ما دام إذنه ممكنا؛ فعند تعذر إذنه: يجوز أن يُجعل الله فعلُ غيره قائما مقام فعله في الواجبات، وامتثال الأوامر، كما قد يقوم فعل غيره مقام فعله في المندوبات، وحصول الثواب، كما تقدم في مسألة إهداء الثواب للموتى، وتقدم تقرير هذه القاعدة " انتهى من"شرح العمدة – كتاب الحج" (2 / 192 – 193).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: " إذا كان الوالد مجنونًا أو فاقد العقل من غير جنون؛ فلا بأس أن يحج عنه، أن يحج عنه ولده برًا له، سواء كان الوالد أبًا أو أمًا؛ لأن الحج لا يصح من المجنون إذا باشره بنفسه، ما يصح حج المجنون والمعتوه إذا باشره بنفسه.
أما إذا كان حج عنه غيره فلا بأس بذلك، وليس عليه حج فريضة، إذا بلغ وهو مجنون لا حج عليه، لكن لو حج عنه ولده، أو أخوه أو غيرهما؛ فلا بأس، وله أجر ذلك" انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (17/ 73).
والله أعلم.
تعليق