الثلاثاء 25 جمادى الأولى 1446 - 26 نوفمبر 2024
العربية

بيع حساب في موقع للتواصل لمن قد يستعمله في محرم

295570

تاريخ النشر : 05-01-2019

المشاهدات : 3247

السؤال

أنا لدي حساب في أحد مواقع التواصل ، وفيه عدد كبير من المتابعين ، ويأتيني أحيانا طلبات لشراء الحساب ، فإذا تم بيع الحساب فهل علي وزر ما قد يدونه المشتري للمتابعين ؟ فقد ينزل صور نساء أو موسيقى وغيرها ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

حَرَّم الله تعالى علينا أن نعين العاصي على معصيته ، فقال سبحانه وتعالى :   وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ  المائدة /2.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" قال الإمام أحمد رضي الله عنه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع السلاح في الفتنة.

ولا ريب أن هذا سد لذريعة الإعانة على المعصية...

وفي معنى هذا كل بيع أو إجارة أو معاوضة تعين على معصية الله تعالى كبيع السلاح للكفار والبغاة وقطاع الطريق ... أو إجارة داره أو حانوته أو خانه لمن يقيم فيها سوق المعصية .... ونحو ذلك مما هو إعانة على ما يبغضه الله ويسخطه، ومن هذا عصر العنب لمن يتخذه خمرا وقد لعنه رسول الله هو والمعتصر معا ... " انتهى من "اعلام الموقعين" (5 / 63 – 64).

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/109) :

"كل ما يستعمل على وجه محرم ، أو يغلب على الظن ذلك ؛ فإنه يحرم تصنيعه واستيراده ، وبيعه وترويجه بين المسلمين ....

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : " كل لباس يغلب على الظن أنه يستعان بلبسه على معصية ؛ فلا يجوز بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم ، ولهذا كره بيع الخبز واللحم لمن يعلم أنه يشرب عليه الخمر ، وبيع الرياحين لمن يعلم أنه يستعين بها على الخمر والفاحشة ، وكذلك كل مباح في الأصل علم أنه يستعان به على معصية " .

ومراد شيخ الإسلام رحمه الله بقوله فيما تقدم : " ولهذا كره بيع الخبز واللحم لمن يعلم أنه يشرب عليه الخمر . . إلخ " كراهة تحريم ، كما يعلم ذلك من فتاواه في مواضع أخرى" انتهى .

والعمل في هذا على غلبة الظن ، فإذا غلب على ظن البائع أن المشتري سيستعمل ما اشتراه في معصية الله : فلا يجوز أن يبيعه إياه .

أما إذا لم يغلب على ظنه ذلك ، بل كان يغلب على ظنه أن المشتري مستقيم الأخلاق والدين ، أو كان شاكًّا مترددًّا في ذلك ، أو كان المشتري لذلك مجهول الحال ، لا يعلم البائع عنه شيئا : فيجوز له أن يبيعه إياه ، ولا يلزمه أن يستفصل عن حاله ، ولو بسؤاله عما ينوي استعمال المبيع فيه .

قال ابن قدامة رحمه الله تعالى، في بيع العنب ونحوه لمن يصنع منه الخمر:

" فإنما يحرم البيع ويبطل، إذا علم البائع قصد المشتري ذلك، إما بقوله، وإما بقرائن مختصة به، تدل على ذلك.

فأما إن كان الأمر محتملا، مثل أن يشتريها من لا يعلم حاله، أو من يعمل الخل والخمر معا، ولم يلفظ بما يدل على إرادة الخمر : فالبيع جائز " انتهى من "المغني" (6 / 319).

لكن الذي ينبغي عليه ، إن باعه لشخص لا يعرف حاله ، ثم رآه يستعمله في المحرم : أن ينصحه ، ويخوفه عقاب الله تعالى ؛ فإن فعل ذلك ولم يرض بمعصيته فقد أدى ما عليه.

على أن ينبغي التنبيه هنا على أمر مهم : وهو أنه لا يحل له أن يبيع الحساب لشخص آخر ، يستعمله بنفس اسمه الذي عرفه الناس به ، وتابعوه لأجله ، إذا كان شخصا معروفا لمتابعيه ، يتابعه الناس لأجل شخصه ، ويثقون به ؛ فلا يحل له أن يبيعه لغيره ، ليستخدمه ، ويوهمهم أنه نفس الشخص الأول ؛ فإن هذا غش وتدليس محرم .

ثم إن فيه من المفاسد ما لا يخفى على عاقل ؛ فقد يثق الناس بشخص ، ويبيحونه أسرارهم ، أو يتعاملون معه على أن ذلك الشخص الثقة الأمين ، ثم يشتري الحساب من لا خلاق له من الناس ، فيفسد به ، ويطلع به على العورات ، وينتهك به الحرمات . ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب