الخميس 16 شوّال 1445 - 25 ابريل 2024
العربية

زيادة ( وحده لا شريك له ) في تشهد عمر

296119

تاريخ النشر : 19-02-2019

المشاهدات : 29688

السؤال

عرفت مؤخرا أن هناك عدة صيغ للتشهد ، لقد أجريت بعض الأبحاث على الإنترنت حول ذلك ، والتي أعرفها هي هذه: " التحيات لله ، الزاكيات لله ، التحيات والصلوات لله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " . أنا دائما أضيف "وحده لا شريك له" بحيث تصبح هكذا : " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " . أنا أتساءل هل يجوز لي أن أقولها هكذا ؟

الجواب

الحمد لله.

الصيغة التي ذكرتها هي صيغة التشهد التي ثبتت عن عمر رضي الله عنه، ونصها كما رواها الإمام مالك في "الموطأ" (1 / 90): عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يُعَلِّمُ النَّاسَ التَّشَهُّدَ، يَقُولُ: قُولُوا:  " التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ، الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ".

وقد وردت فيه زيادة ( وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ) عند الحاكم في "المستدرك" (1 / 266) باسناده عن عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، كَانَ يُعَلِّمُ النَّاسَ التَّشَهُّدَ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ: إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: " بِسْمِ اللَّهِ خَيْرِ الْأَسْمَاءِ، التَّحِيَّاتُ الزَّاكِيَاتُ، الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عَبَّادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ  " وقال الحاكم: " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ " ووافقه الذهبي.

لكن عروة لم يدرك عمر رضي الله عنه، نبه على هذا الحافظ ابن حجر في "اتحاف المهرة" (12 / 307)؛ حيث قال:

" وقال – أي الحاكم -: صحيح على شرط مسلم كذا قال. وعروة لم يدرك عمر بن الخطاب " انتهى.

فعروة إنما أخذه من عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيّ، كما عند الإمام مالك.

وعبد العزيز بن محمد ربما أخطأ، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" عبد العزيز بن محمد بن عبيد الدراوردي، أبو محمد الجهني مولاهم، المدني، صدوق كان يحدث من كتب غيره فيخطىء " انتهى من "تقريب التهذيب" (ص 358).

وقد خالفه ابن إسحاق فرواه عن هشام بدون هذه الزيادة، كما هو عند البيهقي في "السنن الكبرى" (3 / 660).

فالحاصل؛ أن الثابت والمحفوظ في تشهد عمر هو ما رواه الإمام مالك وغيره عن الزهري بدون لفظة ( وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ).

وهي الصيغة التي اختارها الإمام مالك رحمه الله تعالى.

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:

" ولما علم مالك أن التشهد لا يكون إلا توقيفا عن النبي عليه السلام اختار تشهد عمر؛ لأنه كان يعلمه للناس وهو على المنبر من غير نكير عليه من أحد من الصحابة، وكانوا متوافرين في زمانه، وأنّه كان يعلم ذلك من لم يعلمه من التابعين وسائر من حضره من الداخلين في الدين، ولم يأت عن أحد حضره من الصحابة أنه قال: ليس كما وصفت " انتهى من "الاستذكار" (4 / 274).

ولم يرد أن الإمام مالكا كان يدخل هذه الزيادة في تشهد عمر الذي اختاره، كما تدل على ذلك الكتب الضابطة لكلامه؛ كـ "المدونة" (1 / 226)، و "الجامع" لابن يونس (2 / 844)، و "جامع الأمهات" لابن الحاجب (ص 99).

وإنما تساهل أتباعه بعد ذلك في اضافتها في هذه الصيغة؛ كما هو وارد في كتب الفروع والشروح في الفقه المالكي؛ ولعلهم أدخلوها في صيغة تشهد عمر، بسبب ورودها في "الموطأ" (1 / 91) بعد تشهد عمر، في صيغة التشهد المروي عن عائشة رضي الله عنها .

والظاهر أنهم اختاروا أن الأمر في شأن هذه الزيادة: واسع ، كما هو مذهب عبد الله ابن عمر رضي الله عنه؛ حيث روى أبو داود في "السنن" (971) عَنْ أَبِي بِشْرٍ، سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّشَهُّدِ:   التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ - قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: زِدْتَ فِيهَا: وَبَرَكَاتُهُ - السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ - قَالَ ابْنُ عُمَرَ: زِدْتُ فِيهَا: وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ - وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ   ورواه الدارقطني في "السنن" (2 / 161)، وقال: " هذا إسناد صحيح "، وصححه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (2 / 315)، والألباني في "أصل صفة الصلاة" (3 / 897).

ولهذه الزيادة شواهد من أحاديث عدد من الصحابة ، يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم .

ومنها حديث ابن مسعود ، عند النسائي في "الكبرى" (758) (7563)

وعند النسائي أيضا ، في "الصغرى" (1168) .

وعند ابن ماجه (1892) من وجه آخر ، وصححه الألباني .

وعند ابن حبان (6402) وصححه الألباني لغيره ، وصححه الأرناؤوط .

ومن حديث سلمان ، كما عند الطبراني في "الكبير" (6171) ، وفيه ابن لهيعة .

ومن حديث أبي موسى ، عند النسائي (1173) ، وصححه الألباني.

وورود هذه الزيادة ، من طرق ، عن هؤلاء الصحابة ، رضوان الله عليهم ، مما يدل بوضوح على أنها محفوظة في صيغ التشهد عن النبي صلى الله عليه وسلم .

ثم إن هذه الزيادة مطردة ، في صيغ الشهادتين، في غير سياق التشهد ، ولعله لذلك زادها ابن عمر رضي الله عنه ، ورأى أن الباب في صيغة الشهادة واحد، والأمر فيه واسع .

وعلى ذلك :

فمن قالها في تشهده ، كاملة :   أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله   : فلا حرج عليه ، إن شاء الله ؛ حتى ولو كان تشهده هو الوارد عن عمر ، ولو كانت هذه الزيادة لم تثبت في تشهد عمر، رضي الله عنه .

على أنه لو التزم بصيغة عمر، التي صحت عنه ، أو تشهد بصيغة من صيغ التشهد الثابتة عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو أولى ، وأكمل ، ويأتي بالصيغة على وجهها ؛ فإن الأصل أن الصحابي قد حفظ لنا ما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأداه كما سمعه ، ويكون اختلاف الصيغ ، من باب اختلاف الأذكار ، والعبادات الواردة على وجوه متنوعة ، فيأتي بهذه الكيفية مرة ، وهذه مرة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

" العبادات التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم على أنواع يشرع فعلها على جميع تلك الأنواع لا يكره منها شيء ، وذلك مثل أنواع التشهدات ، وأنواع الاستفتاح ، ومثل الوتر أول الليل وآخره ، ومثل الجهر بالقراءة في قيام الليل والمخافتة ، وأنواع القراءات التي أنزل القرآن عليها ، والتكبير في العيد ، ومثل الترجيع في الأذان وتركه ، ومثل إفراد الإقامة وتثنيتها ." انتهى من 

" مجموع الفتاوى " ( 22 / 335 ) .

وينظر جواب السؤال رقم : (140759) ، ورقم : (145542) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب