السبت 8 جمادى الأولى 1446 - 9 نوفمبر 2024
العربية

حكم شراء عملات يغلب على الظن أنها مسروقة

296168

تاريخ النشر : 16-12-2018

المشاهدات : 14135

السؤال

ما حكم شراء عملة محجوز عليها ، أو مسروقة ، لا أدري ، ولكن عرض علي أن أشتري مبلغا من المال ، وهو دولار ، وغير مزور ، على الأغلب هو من مصرف أحد البلاد العربية أخذ أيام الفوضى ، وأنا على ديون كثيرة ، ووضعي سئ حاليا ، فأنا لاجئ مقيم في دولة أخرى، فهل أشتري هذه الدولارات ؟

الجواب

الحمد لله.

لا يجوز شراء الأموال التي يغلب على الظن أنها منهوبة أو مسروقة ، سواء كانت من المال العام أو الخاص؛ لأنها مال غير مملوك لبائعه، فلا يصح البيع؛ ولأنه يجب على من قدر عليه أن يرده على صاحبه ، وإلا كان شريكا في الإثم والظلم.

فلا يجوز شراء المسروق إلا لاستنقاذه ، ورده إلى أهله ، أو التصدق به عنهم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الأموال المغصوبة، والمقبوضة بعقود لا تباح بالقبض، إن عرفه المسلم : اجتنبه .

فمن علمتُ أنه سرق مالاً ، أو خانه في أمانته ، أو غصبه فأخذه من المغصوب قهراً بغير حق : لم يجز لي أن آخذه منه ، لا بطريق الهبة ، ولا بطريق المعاوضة ، ولا وفاء عن أجرة ، ولا ثمن مبيع ، ولا وفاء عن قرض ، فإن هذا عين مال ذلك المظلوم " انتهى من  "مجموع الفتاوى" ( 29 / 323).

وقال رحمه الله: "وإن كان الذي معهم – أي : التتار - أو مع غيرهم ، أموال يعرف أنهم غصبوها من معصوم : فتلك لا يجوز اشتراؤها لمن يتملكها .

لكن إذا اشتُريت على طريق الاستنقاذ ، لتصرف في مصارفها الشرعية ، فتعاد إلى أصحابها إن أمكن ، وإلا صرفت في مصالح المسلمين : جاز هذا" انتهى من "مجموع الفتاوى" ( 29 / 276).

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :"إذا تيقن الإنسان من كون السلعة المعروضة للبيع ، أنها مسروقة ، أو مغصوبة ، أو أن مَن يعرضها لا يملكها ملكاً شرعيّاً ، وليس وكيلاً في بيعها : فإنه يحرم عليه أن يشتريها ؛ لما في شرائها من التعاون على الإثم والعدوان ، وتفويت السلعة على صاحبها الحقيقي .

ولما في ذلك من ظلم الناس ، وإقرار المنكر ، ومشاركة صاحبها في الإثم ، قال الله تعالى :   وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ   المائدة/2 .

وعلى ذلك :

ينبغي لمن يعلم أن هذه السلعة مسروقة أو مغصوبة ، أن يقوم بمناصحة من سرقها برفق ولين وحكمة ، ليرجع عن سرقته ، فإن لم يرجع وأصر على جرمه : فعليه أن يبلغ الجهات المختصة بذلك ، ليأخذ الفاعل الجزاء المناسب لجرمه ، ولرد الحق إلى صاحبه ، وذلك من باب التعاون على البر والتقوى ؛ ولأن في ذلك ردعا للظالم عن ظلمه ، ونصرة له وللمظلوم .

ولذلك ثبت في الحديث الذي رواه أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما ) قالوا : يا رسول الله : هذا ننصره مظلوماً ، فكيف ننصره ظالماً ؟ قال : ( تأخذ فوق يديه ) أخرجه البخاري في صحيحه . وأخرج الإمام أحمد في " المسند " نحوه ، وفي رواية أخرى : فقال رجل : يا رسول الله : أنصره إذا كان مظلوماً ، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره ؟ قال : ( تحجزه عن الظلم ، فإن ذلك نصره) " انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 13 / 82 ).

وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :"عُرض عليَّ سلعة اتضح لي أنها مسروقة ، غير أن الذي عرضها عليَّ لم يكن هو السارق ، وإنما اشتراها من شخص آخر اشتراها من السارق ، إذا اشتريتها مع علمي بذلك : فهل أكون آثماً ، مع أني لا أعلم صاحبها الذي سرقت منه ؟

فأجاب :الذي يظهر من الأدلة الشرعية : أنه لا يجوز لك شراؤها ، إذا اتضح لك أو غلب على ظنك أنها مسروقة ؛ لقول الله سبحانه : ( وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) .
ولأنك تعلم ، أو يغلب على ظنك : أن البائع ليس مالكاً لها شرعاً ، ولا مأذوناً له شرعاً في بيعها ، فكيف تعينه على ظلمه ، فتأخذ مال غيرك بغير حق .

نعم ، إذا أمكن شراؤها للاستنقاذ ، وردها إلى مالكها : فلا بأس .

إذا لم يتيسر أخذها بالقوة ، وعقوبة الظالم .

أما إذا أمكن أخذها بالقوة ، وعقوبة الظالم بعقوبته الشرعية : فهذا هو الواجب للأدلة المعلومة من الحديث ( انصر أخاك ظالما أو مظلوماً ... ) الحديث" انتهى من " فتاوى الشيخ ابن باز " ( 19 / 91).

فلا يحملنك ما أنت فيه من الحاجة ، على شراء ما لا يحل، ونسأله الله أن يغنيك من فضله، ويكفيك بالحلال عن الحرام.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب