الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

حكم استعمال العقاقير المهدئة والمنومة لمعالجة القلق والأرق

السؤال

أريد أن أعرف الأحكام المتعلقة بالتطبيب الذاتي في الإسلام. فلقد مررت بوقت عصيب في زواجي ، فزوجي يهملني ، لا أعرف عن قصد ، أو من غير قصد ، يقضي كل يومه على حاسوبه ، أو هاتفه يلعب الألعاب ، يتحدث إلى الأصدقاء باستمرار، نحن لا نملك محادثة واحدة بيننا بحيث لا يقطعها هاتفه ، وهو بالكاد يقضي ساعتين معي بدون مقاطعة طوال اليوم ، لقد خضنا العديد من الشجارات حول هذا الأمر خلال السنتين الماضيتين ، لكنني قررت أن أقوم بالصبر ، وأن أبقى صامتة ، لكنّي أشعر بالاكتئاب ، الرفض ، ضيق الصدر ، الوحدة ، وأنا لا أستطيع النوم ، لذلك التفت إلى مُرخيات العضلات ، النوع الأول الذي أستخدمه متوفر بدون وصفة طبية ، لكني أشعر أنني معتمدة عليه الآن ، لدي الكثير من اليأس والقلق ، ولكن بمجرد أن آخذ المرخيات أنام وأستيقظ بهدوء ، لم يُوصف لي هذا الدواء من قبل الطبيب، لدي تاريخ بعدم القدرة على النوم بشكل صحيح ، وأنا أستخدم هذه الأدوية من آنٍ لآخر ، يبدأ تأثير الدواء من 30 إلى 40 دقيقة بعد تناول الحبّة ، ويستمر لمدة 4 إلى 6 ساعات ، لكن حتى بعد ذلك ، تبقيني هذه الحبوب مرتاحة عقليا وجسديا ، أعلم أن المسكر حرام في الإسلام ، فهل سيؤدي استخدام هذه الحبوب من خلال العلاج الذاتي أيضا إلى عدم قبول صلاتي لمدة 40 يومًا؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

للزوجة حقوق على زوجها من العشرة الحسنة، والنفقة، والمسكن، وتحصيل العفة وتلبية الرغبة العاطفية، وكل هذه الحقوق دل عليها القرآن والسنة .

وكذلك للزوج حقوق على زوجته من العشرة الحسنة، والطاعة في المعروف، وتمكينه من الاستمتاع بها، وخدمته، وعدم الخروج من البيت إلا بإذنه، وقد سبق بيان هذه الحقوق في جواب السؤال رقم : ( 10680 ).

وما ذكرت من انشغال زوجك عنك، علاجه بالتفاهم والبحث عن مشاريع مشتركة، كطلب العلم وحفظ القرآن الكريم، والخروج للنزهة في أوقات الفراغ، والتقليل من استعمال الهاتف، ونحو ذلك.

ثانيا:

العقاقير المنومة والمهدئة لا يجوز استعمالها إلا بإذن الطبيب الثقة؛ لأن منها ما يشتمل على مخدر، ومنها ما يؤدي إلى الإدمان، ومنها ما يزيد ضرره على نفعه.

فالتطبيب الذاتي بهذا النوع من العقاقير ممنوع لما ذكرنا.

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "ما حكم تناول الحبوب المنومة أو ما يسمى بالمهدئات ، وهل تدخل ضمن المخدرات أم لا ، وهل تجوز إذا دعت الضرورة أو أرشد إليها الطبيب ؟

فأجاب: "هذه الحبوب لا يجوز استعمالها إلا إذا دعت الحاجة إليها ، بشرط أن يكون الآذن بها طبيباً فاهماً عالماً ؛ لأن هذه لها خطر ، ولها مردود على فعل المخ ، فإذا استعملها الإنسان فقد يهدأ تلك الساعة ويلين ، لكنه يعقبه شر أكبر وأعظم ، فالمهم أنه يجوز استعمالها للحاجة ، بشرط أن يكون ذلك تحت نظر الطبيب وإذنه" انتهى من " فتاوى نور على الدرب " ( شريط رقم : 82 / الوجه الأول ).

ثالثا:

الأدوية التي بها شيء من المخدر الأصل فيها المنع والحرمة, لكن إن تعينت سبيلا للعلاج، ولم يوجد ما يسد مسدها من الأدوية المباحة: فحينئذ يباح استعمالها بهذه الشروط :

1. أن تصل حاجة المريض لذلك العقار حدَّ الضرورة، أو الحاجة الشديدة .

2. أن يشهد طبيب مسلم ثقة على أن هذا العقار المخدر فيه فائدة ونفع للمريض .

3. أن يقتصر استعمال العقار على القدر الذي تندفع به الضرورة .

4. أن لا يسبب هذا العقار للمريض ضرراً أكبر أو مساويا للضرر الذي استخدمه لأجله .

وينظر: جواب السؤال رقم : (192321) .

فالنصيحة لك أن تستشيري الطبيبة المختصة في الدواء الذي تستعملينه، وأن تقللي من استعمال الأدوية بوجه عام، وأن تستعيني في علاج القلق والأرق بالأدوية الشرعية النافعة من قراءة القرآن، وذكر الله، والصلاة على نبيه صلى الله عليه، فبذلك يطمئن القلب، ويذهب الهم.

قال الله تعالى:  الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ  الرعد/28

وعن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ :  يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ اذْكُرُوا اللَّهَ جَاءَتْ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ ) قَالَ أُبَيٌّ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي ؟ فَقَالَ مَا شِئْتَ قَالَ قُلْتُ الرُّبُعَ قَالَ مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قُلْتُ النِّصْفَ قَالَ مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قَالَ قُلْتُ فَالثُّلُثَيْنِ قَالَ مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قُلْتُ أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا قَالَ إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ  .

رواه الترمذي (2457) وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي" .

قال في "تحفة الأحوذي" : " ( فَكَمْ أَجْعَلُ لَك مِنْ صَلَاتِي ) أَيْ بَدَلَ دُعَائِي الَّذِي أَدْعُو بِهِ لِنَفْسِي ، قَالَهُ الْقَارِي.

فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: من أعظم أسباب انشراح الصدر وطيب النفس وزوال الهم والغم.

نسأل الله أن يصلح زوجك، وأن يذهب همك وحزنك.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب