الحمد لله.
أولا:
يحرم تناول الحشيشة، وهي المادة اللزجة التي تُسمَّى " الراتينج " ويتم الحصول عليها من أعلى نبتة " القِنَّب " ، وهي مسكرة عند المحققين من الفقهاء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "" الْحَشِيشَةُ " الْمَلْعُونَةُ الْمُسْكِرَةُ: فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِهَا مِنْ الْمُسْكِرَاتِ، وَالْمُسْكِرُ مِنْهَا حَرَامٌ ، بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ .
بَلْ كُلُّ مَا يُزِيلُ الْعَقْلَ : فَإِنَّهُ يَحْرُمُ أَكْلُهُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُسْكِرًا، كَالْبَنْجِ، فَإِنَّ الْمُسْكِرَ يَجِبُ فِيهِ الْحَدُّ، وَغَيْرَ الْمُسْكِرِ يَجِبُ فِيهِ التَّعْزِيرُ.
وَأَمَّا قَلِيلُ " الْحَشِيشَةِ الْمُسْكِرَةِ " : فَحَرَامٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ، كَسَائِرِ الْقَلِيلِ مِنْ الْمُسْكِرَاتِ.
وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ) : يَتَنَاوَلُ مَا يُسْكِرُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُسْكِرُ مَأْكُولًا ، أَوْ مَشْرُوبًا؛ أَوْ جَامِدًا أَوْ مَائِعًا، فَلَوْ اصْطَبَغَ بالْخَمْرِ كَانَ حَرَامًا ، وَلَوْ أَمَاعَ الْحَشِيشَةَ وَشَرِبَهَا ، كَانَ حَرَامًا ...
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: إنَّهَا تُغَيِّرُ الْعَقْلَ فَلَا تُسْكِرُ، كَالْبَنْجِ؛ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ تُورِثُ نَشْوَةً وَلَذَّةً وَطَرَبًا ، كَالْخَمْرِ ، وَهَذَا هُوَ الدَّاعِي إلَى تَنَاوُلِهَا، وَقَلِيلُهَا يَدْعُو إلَى كَثِيرِهَا ، كَالشَّرَابِ الْمُسْكِرِ، وَالْمُعْتَادُ لَهَا يَصْعُبُ عَلَيْهِ فِطَامُهُ عَنْهَا ، أَكْثَرَ مِنْ الْخَمْرِ؛ فَضَرَرُهَا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ أَعْظَمُ مِنْ الْخَمْرِ.
وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ: إنَّهُ يَجِبُ فِيهَا الْحَدُّ ، كَمَا يَجِبُ فِي الْخَمْرِ، وَتَنَازَعُوا فِي نَجَاسَتِهَا " انتهى من "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" (34/ 204 - 207).
ولا عبرة بمن يقول: إن الحشيشة غير مسكرة، أو غير ضارة.
وكونها تستعمل في بعض الحالات الطبية كما سيأتي، لا ينفي أنها مسكرة، ولا ينفي ضررها.
ثانيا:
إذا خلطت الحشيشة بغيرها، وكانت نسبة الحشيشة قليلة مستهلكة، بحيث لا يسكر من شرب الكثير من هذا الدواء: فلا حرج في تناوله إذا لم يوجد دواء آخر نافع.
وينظر: جواب السؤال رقم : (256355) .
ثالثا:
" الماريجوانا " – أو " الماريوانا " – هو عقار مخدِّر ، وهو مسحوق نبتة " القِنَّب " .
جاء في " الموسوعة العربية العالمية " : " تحتوي المارجوانا على أكثر من 400 مادة كيميائية ، وحينما يتم تدخينها ينتج عنها حوالي 2,000 مادة كيميائية تدخل الجسم من خلال الرِّئتين ، وهذه المواد الكيمائيَّة لها العديد من الآثار الفورية القصيرة الأمد ، هذا بالإضافة إلى أنَّ الاستخدام المنتظم لها يرتبط بالعديد من الآثار الطويلة الأمد " . انتهى
وقد سبق تقرير تحريم هذه المادة المخدرة ، وبيان أضرارها في جواب السؤال رقم : ( 66227 ) فلينظر .
رابعا:
يجوز استعمال الحشيشة أو غيرها من المواد المخدرة لتخفيف الآلام بشروط :
1. أن تصل حاجة المريض لذلك العقار حدَّ الضرورة .
2. أن يشهد طبيب ثقة باشتمال العقار المخدر على ما فيه فائدة ونفع للمريض .
3. أن يقتصر استعمال العقار على القدر الذي تندفع به الضرورة .
4. أن يكون هذا العقار متعيِّناً استخدامه ، بحيث لا يوجد ما يقوم مقامه من الأدوية المباحة أو الأدوية الأقل منه في التحريم .
5. ألا يسبب هذا العقار للمريض ضرراً يفوق الضرر الذي استخدمه لأجله ، أو يساويه ، ومن أعظم الضرر على المريض : إدمان استعمال العقار المخدر .
انظر " أحكام الأدوية في الشريعة الإسلامية " للدكتور حسن الفكي ( ص 276 ) ، ومنه نقلنا هذه الشروط – باختصار - ، وفي الكتاب فوائد زيادة على هذا لمن رغب بالمزيد .
وبهذا يعلم أن الأصل تحريم تناول الحشيشة الخالصة -مهما كان الغرض الطبي- إلا للضرورة التي لا تندفع بغيرها من الأدوية المباحة، وأما المخلوطة بغيرها في دواء، فإن كانت مستهلكة، جاز تناول الدواء عند عدم غيره، وإن كانت كثيرة غير مستهلكة، فحكمها حكم الخالصة.
خامسا:
يجوز الاتجار في الأسهم المباحة النقية، وهي أسهم الشركات ذات النشاط المباح إذا كانت لا تقترض ولا تودع بالربا، ولا يجوز الاتجار في الأسهم المختلطة أو المحرمة.
وينظر: جواب السؤال رقم :(112445) .
فإذا كانت شركة الأدوية لا تقترض ولا تودع بالربا، جاز تداول أسهمها، ولا يضر كونها تتاجر في أدوية بعضها مصنوع من الحشيش، لأنه يجوز استعمال هذه الأدوية في بعض الحالات.
والله أعلم.
تعليق