الحمد لله.
هل ثبت حديث في النوم عاريا؟
لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث في النوم عاريًا ، وهذا من الكذب عليه صلوات الله وسلامه عليه. ولا بد من أخذ الدين من أهله، وعدم الاغترار بكل ما ينشر عبر هذه الوسائط.
حث الشرع على ستر العورة
ومما يدل على بطلان ما ذكر في السؤال، وأنه ليس له أصل عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن الشرع حث المؤمن على أن يستر عورته في كل حال، حتى وإن لم يخش اطلاع أحد على عورته، إلا في الأحوال التي لا بد فيها من كشف العورة.
ومما يدل على بطلان ما ذكر في السؤال، ما جاء في الحديث أن معاوية بن حيدة القشيري، رضي الله عنه، قَالَ: قُلْتُ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ قَالَ: احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ؟ قَالَ: إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَيَنَّهَا أَحَدٌ فَلَا يَرَيَنَّهَا، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا؟ قَالَ: اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ رواه أبو داود (4017)، والترمذي (2769)، وحسنه الألباني.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " فأمر بسترها في الخلوة. وهذا واجب عند أكثر العلماء." انتهى من "مجموع الفتاوى" (21/328)، وينظر أيضا: "شرح العمدة" (1/400-406)، (4/255-258).
جاء في الموسوعة الكويتية: " كما يجب ستر العورة عن أعين الناس، يجب كذلك سترها ولو كان الإنسان في خلوة، أي في مكان خال من الناس. والقول بالوجوب هو مذهب الحنفية على الصحيح، وهو مذهب الشافعية والحنابلة. وقال المالكية: يندب ستر العورة في الخلوة.
والستر في الخلوة مطلوب حياء من الله تعالى وملائكته، والقائلون بالوجوب قالوا: إنما وجب لإطلاق الأمر بالستر؛ ولأن الله تعالى أحق أن يستحيا منه، وفي حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت: يا رسول الله، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو مما ملكت يمينك، فقال: الرجل يكون مع الرجل؟ قال: إن استطعت أن لا يراها أحد فافعل، قلت: والرجل يكون خاليا؟ قال: فالله أحق أن يستحيا منه.
والستر في الخلوة مطلوب إلا لحاجة، كاغتسال وتبرد ونحوه " انتهى من، "الموسوعة الفقهية"(24/ 176).
تنبيه: لو كان على الإنسان ما يغطيه حال نومه، ولم يخش زوال هذا الغطاء خرج من النهي السابق.
جاء في "مطالب أولي النهى" (1/329): (وَيَجِبُ سَتْرُهَا) - أَيْ: الْعَوْرَةِ - (حَتَّى خَارِجَهَا) - أَيْ: الصَّلَاةِ - (وَ) حَتَّى (فِي ظُلْمَةٍ، وَ) حَتَّى فِي (خَلْوَةٍ)، لِحَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ قَالَ: احْفَظْ عَوْرَتَكَ إلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ، قَالَ: قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ؟ قَالَ: إنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَاهَا أَحَدٌ فَلَا يَرَيَنَّهَا، قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا؟ قَالَ: اللَّهُ تَعَالَى أَحَقُّ أَنْ يَسْتَحْيِيَ مِنْهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَلَوْ بِنَحْوِ نَبَاتٍ كَوَرَقٍ وَخُوصٍ مَظْفُورٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَتْرُهَا، وَقَدْ حَصَلَ، وَلِأَنَّ الْأَمْرَ بِسَتْرِهَا غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِسَاتِرٍ، فَيَكْفِي أَيُّ سَاتِرٍ كَانَ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ ثَوْبٍ" انتهى.
درجة حديث (إياكم والتعري...)
ورد في حديث ضعيف، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:إياكم والتعري، فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط وحين يفضي الرجل إلى أهله، فاستحيوهم وأكرموهم رواه الترمذي: (2800).
قال الملا علي القاري: "أي احذروا من كشف العورة (فإن معكم) أي من الملائكة (من لا يفارقكم إلا عند الغائط) قال الطيبي - رحمه الله -: وهم الحفظة الكرام الكاتبون (وحين يفضي) أي يصل (الرجل إلى أهله فاستحيوهم) أي منهم (أكرموهم) أي بالتغطي وغيره مما يوجب تعظيمهم وتكريمهم، قال ابن الملك: فيه إنه لا يجوز كشف العورة إلا عند الضرورة كقضاء الحاجة والمجامعة وغير ذلك" انتهى من "مرقاة المفاتيح"(5/ 2055).
والحاصل أن ما ذكر في السؤال من حث النبي صلى الله عليه وسلم على النوم عاريا: باطل، لا أصل له عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا في كلام أهل العلم.
وينظر لمزيد الفائدة هذه الأجوبة: 1348، 217534، 13698، 126265.
والله أعلم.
تعليق