الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

هل يصح حديث: ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ اسْتِئْجَارِ الْأَجِيرِ حَتَّى يُبَيَّنَ لَهُ أَجْرُهُ )؟

298419

تاريخ النشر : 24-01-2023

المشاهدات : 9241

السؤال

ما صحة أن الرسول صلى الله عليه وسلم ورد عنه مايلي: أنه " نهى أن يستعمل أجيرا حتى يعلم ما أجرته"؟

ملخص الجواب

حديث: (  أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ اسْتِئْجَارِ الْأَجِيرِ حَتَّى يُبَيَّنَ لَهُ أَجْرُهُ )، وإن كان ضعيف الإسناد؛ إلا أن معنى متنه عليه العمل عند عامة العلماء، ومن ذلك أهل المذاهب الأربعة؛ فهم متفقون في الجملة على هذا المعنى. وينظر تفصيل ذلك في الجواب المطول

الحمد لله.

أولا:

بيان صحة الحديث

هذا الحديث رواه الإمام أحمد في "المسند" (18/116)، وغيره: عن حَمَّاد ابن سلمة، عَنْ حَمَّادٍ ابن أبي سليمان، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ اسْتِئْجَارِ الْأَجِيرِ حَتَّى يُبَيَّنَ لَهُ أَجْرُهُ ".

ورواه عبد الرزاق في "المصنف" (8/235) مع بيان الإختلاف في كونه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، أو من كلام أبي سعيد رضي الله عنه، فقَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، وَالثَّوْرِيُّ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَوْ أَحَدُهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَلْيُسَمِّ لَهُ إِجَارَتُهُ.

وقال عبد الرزاق: قُلْتُ لِلثَّوْرِيِّ: أَسَمِعْتَ حَمَّادًا يُحَدِّثُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَلْيُسَمِّ لَهُ إِجَارَتَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَحَدَّثَ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى، فَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وكذلك رواه النسائي (3857) موقوفا على أبي سعيد الخدري، فرواه من طريق شُعْبَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: إِذَا اسْتَأْجَرْتَ أَجِيرًا فَأَعْلِمْهُ أَجْرَهُ.

ورجّح أبو زرعة أنه موقوف من كلام أبي سعيد رضي الله عنه.

قال ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى:

" سألت أبا زرعة عن حديث رواه حماد بن سلمة، عن حماد، عن إبراهيم، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أنه نهى أن يستأجر الأجير حتى يعلم أجره ).

قلت : ورواه الثوري، عن حماد، عن إبراهيم، عن أبي سعيد، موقوف؟

قال أبو زرعة: الصحيح موقوف عن أبي سعيد؛ لأن الثوري أحفظ " انتهى من "علل ابن أبي حاتم" (3/600).

وهذا الإسناد: " إِبْرَاهِيم، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ " لا يصح سواء كان الراجح الوقف أو الرفع؛ لأن إبراهيم لم يسمع من أبي سعيد الخدري، كما نص على هذا عدد من الأئمة.

فهذا إسناد ضعيف للانقطاع.

قال البيهقي رحمه الله تعالى:

" وهو مُرسَلٌ بَينَ إبراهيمَ وأبِى سعيدٍ " انتهى من "السنن الكبرى" (12/123).

وقال الهيثمي رحمه الله تعالى:

"رواه أحمد، وقد رواه النسائي موقوفا، ورجال أحمد رجال الصحيح؛ إلا أن إبراهيم النخعي لم يسمع من أبي سعيد فيما أحسب" انتهى من "مجمع الزوائد" (4/97).

والحديث ضعفه الشيخ الألباني في "إرواء الغليل" (5/311)، ومحققو المسند (18/116).

والشيخ محمد بن علي بن آدم الإثيوبي رحمه الله تعالى، حيث قال:

" أثر أبي سعيد رضي اللَّه عنه هذا ضعيف؛ لانقطاعه؛ لأن إبراهيم لم يلق أبا سعيد الخدريّ رضي اللَّه عنه " انتهى من "ذخيرة العقبى" (31/98).

ثانيا:

صحة المعنى الذي دل عليه الحديث 

الحديث وإن كان ضعيف الإسناد؛ إلا أن معنى متنه عليه العمل عند عامة العلماء، ومن ذلك أهل المذاهب الأربعة؛ فهم متفقون في الجملة على هذا المعنى.

قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:

" الحكم الثالث: أنه يشترط في عوض الإجارة كونه معلوما. لا نعلم في ذلك خلافا؛ وذلك لأنه عوض في عقد معاوضة، فوجب أن يكون معلوما، كالثمن في البيع، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من استأجر أجيرا، فليعلمه أجره ) ... " انتهى من "المغني" (8/14).

وقال بدر العيني رحمه الله تعالى:

" (ولا تصح حتى تكون المنافع معلومة).

أي لا يصح عقد الإجارة حتى تكون المنافع معلومة.

(والأجرة معلومة): وهذان لا خلاف فيهما.

(لما روينا): أشار به إلى قوله عليه السلام: ( من استأجر أجيرا فليعلمه أجره )، فالحديث دل بعبارته على اشتراط إعلام الأجرة، وبدلالته على اشتراط إعلام المنافع؛ لأن اشتراط إعلامها لقطع المنازعة؛ فالمنفعة تشاركها في المعنى.

(ولأن الجهالة في المعقود عليه، وفي بدله: تُفْضي إلى المنازعة، كجهالة الثمن والمُثْمَن في البيع)؛ لأن شرعية المعاوضات لقطع المنازعات، والجهالة فيهما مفضية إليها "انتهى من "البناية شرح الهداية" (10/ 226–227).

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب