الحمد لله.
اطلاق اسم "القدس" على المولودة، له احتمالان:
الاحتمال الأول:
أن يراد به معناه المستعمل في اللغة؛ وهو الطُّهْر.
قال ابن فارس رحمه الله تعالى:
" (قَدَسَ) الْقَافُ وَالدَّالُ وَالسِّينُ أصل صحيح، وأظنه من الكلام الشرعي الإسلامي، وهو يدل على الطُّهْرِ.
ومن ذلك الأرض المقدسة هي الْمُطَهَّرَةُ. وتسمى الجنة حَظِيرَةَ الْقُدْسِ، أي الطُّهْر. وجبرئيل عليه السلام رُوحُ الْقُدُسِ. وكل ذلك معناه واحد " انتهى من "معجم مقاييس اللغة" (5 / 63).
وهذا اسم فيه معنى التزكية؛ والأسماء التي على هذا الوجه منهي التسمية بها.
قال الله تعالى: فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى النجم/32.
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ: " سَمَّيْتُ ابْنَتِي بَرَّةَ.
فَقَالَتْ لِي زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ هَذَا الِاسْمِ، وَسُمِّيتُ بَرَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ، اللهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ
فَقَالُوا: بِمَ نُسَمِّيهَا؟
قَالَ: سَمُّوهَا زَيْنَبَ " رواه مسلم (2142).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" قال الطبري: لا تنبغي التسمية باسم قبيح المعنى، ولا باسم يقتضي التزكية له... " انتهى من "فتح الباري" (10 / 577).
الاحتمال الثاني: أن يراد باسم "القدس" البلد الذي فيه المسجد الأقصى.
فتكون التسمية بهذا الاسم من باب التسمية بما يحبه الإنسان من الأماكن، كما يسمي بعضهم المولودة باسم "مكة" و"المدينة".
فهذا لا يعلم في الشرع ما ينهى عنه؛ والأسماء من أمور العادة التي الأصل فيها الإباحة.
جاء في "الوسوعة الفقهية الكويتية" (11 / 331):
" الأصل جواز التسمية بأي اسم، إلا ما ورد النهي عنه " انتهى.
غير أن الذي ينبغي على الوالد ألا يغرب في تسمية أبنائه، ويتقصد اسما لم يسم به الناس، ولم يعتادوا مثله، بل يختار ، مما يعهدون: اسما حسنا لابنه ، أو ابنته . ولا يظهر لنا أن من المعتاد بين المسلمين التسمية بأسماء المدن، مثل: مكة ، أو القدس، أو نحو ذلك ؛ لا سيما إذا كان يخشى منه ملاحظة معنى التزكية في التسمية بـ"قدس"؛ فهنا يترجح جانب اجتنابه ، واختيار غيره.
والله أعلم.
تعليق