الحمد لله.
السنة أن يرفع المصلي يديه عند التكبير للركوع، وذلك بعد فراغه من الفاتحة، أو الفاتحة والسورة.
روى البخاري (739)، ومسلم (390) عن ابن عمر قَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ مَنْكِبَيْهِ، وَقَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ، وَلَا يَرْفَعُهُمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ " .
وروى البخاري (737)، ومسلم (391) عَنْ أَبِي قِلَابَةَ :" أَنَّهُ رَأَى مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ، إِذَا صَلَّى كَبَّرَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ هَكَذَا " .
وروى مسلم (401) عن وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ: أَنَّهُ " رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ، - وَصَفَ هَمَّامٌ حِيَالَ أُذُنَيْهِ - ثُمَّ الْتَحَفَ بِثَوْبِهِ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ أَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنَ الثَّوْبِ، ثُمَّ رَفَعَهُمَا، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ، فَلَمَّا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ فَلَمَّا، سَجَدَ سَجَدَ بَيْنَ كَفَّيْهِ "
قال في "كشاف القناع" (1/ 346): " (فصل ثم يرفع يديه) إلى حذو منكبيه ، (كرفعه الأول) عند افتتاح الصلاة ، (بعد فراغه من القراءة) .
قال في الشرح والمبدع: إذا فرغ من قراءته : ثبت قائما، وسكت حتى يرجع إليه نفسه ، قبل أن يركع ، ولا يصل قراءته بتكبيرة الركوع. قاله أحمد، لحديث سمرة في بعض رواياته، إذا فرغ من القراءة سكت رواه أبو داود.
ويكون رفع اليدين (مع ابتداء الركوع) استحبابا ، في قول خلائق من الصحابة ومن بعدهم؛ لما روى ابن عمر قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا استفتح الصلاة رفع يديه، حتى يحاذي منكبيه ، وإذا أراد أن يركع ، وبعد ما يرفع رأسه من الركوع متفق عليه.
وروى أحمد بإسناد جيد عن الحسن أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا يفعلون ذلك، وكان عمر إذا رأى رجلا لا يرفع يديه حصبه، وأمره أن يرفع، ومضى عمل السلف على هذا" انتهى.
وأما رفعهما أثناء قراءة الفاتحة، أو السورة، فهو عمل غير مشروع، لكنه لا يبطل الصلاة؛ لأنه عمل يسير، سواء فعله عمدا أو سهوا، ولا يسجد لفعله سهوا.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح قول الزاد: "فَمَتَى زَادَ فِعْلاً مِنْ جِنْسِ الصَّلاَةِ قِيَاماً، أَوْ قُعُوداً، أَوْ رُكُوعاً أَوْ سُجُوداً عَمْداً : بَطُلَتْ ، وَسَهْوَاً : يَسْجُدُ لَهُ" :
"فهل المراد هذه الأنواع الأربعة من الأفعال فقط دون غيرها، أم إن هذا على سبيل التمثيل؟
الظاهر: أن المراد بالفعل ما ذَكَرَهُ المؤلِّف وبيَّنه بقوله: قياماً أو قعوداً أو ركوعاً أو سجوداً؛ لأن كلمة فِعْل هذه مجملة.
وقوله: قياماً قعوداً ركوعاً سجوداً : هذه مبيِّنة.
فالظاهر: أن هذا هو المراد، وأنه لو زَادَ فِعْلاً غير هذه الأفعال الأربعة ، كرَفْعِ اليدين مثلاً في غير مواضع الرَّفْع، فإنه لا يدخل في عموم كلام المؤلِّف، فلا تبطل الصلاة بعمده، ولا يجب السجود لسهوه" انتهى من "الشرح الممتع" (3/ 339).
والله أعلم.
تعليق