الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر للمؤمنين والمؤمنات في خطبة الجمعة؟

300341

تاريخ النشر : 14-04-2023

المشاهدات : 3393

السؤال

مدى صحة حديث: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم يَسْتَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ كُلَّ جُمُعَةٍ"؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

هذا الحديث رواه البزار في "المسند" (1/471)، قال: حَدَّثنا خَالِدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثني أبي، قَال: حَدَّثنا جَعْفَرُ بْنُ سَعْد بْنِ سَمُرة، قَالَ: حَدَّثني خُبَيْبِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمُرة، عَن أَبيهِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمُرة، عَنْ سَمُرة بْنِ جُنْدُبٍ، رَضِي اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم كَانَ يَسْتَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ كُلَّ جُمُعَةٍ".

ثم قال البزار رحمه الله تعالى:

" وهذا الْكَلامُ لا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم بِهَذَا اللَّفْظِ إلاَّ عَنْ سَمُرة بِهَذَا الإِسْنَادِ" انتهى.

وقد ليّن الحافظ ابن حجر هذا الإسناد في "بلوغ المرام" (ص 199).

وقال الهيثمي رحمه الله تعالى:

" رواه البزار والطبراني في "الكبير"، وقال البزار: " لا نعلمه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد ".

وفي إسناد البزار يوسف بن خالد السمتي وهو ضعيف " انتهى من "مجمع الزوائد" (2/ 190– 191).

لكن الطبراني في "المعجم الكبير" (7/318) رواه من غير رواية يوسف بن خالد عن أبيه، حيث قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، حدثنا مَرْوَانُ بْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ خُبَيْبِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمُرَةَ، حدثنا جَعْفَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قال: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلِلْمُسْلِمِينَ وَلِلْمُسْلِمَاتِ كُلَّ يَوْمِ جُمُعَةٍ".

فيكون مدار إسناد هذا الخبر عند البزار والطبراني على: جَعْفَر بْن سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ أَبِيهِ.

وهذا إسناد ضعيف؛ لأن خبيبا هذا قد ضُعّف وحكم عليه بالجهالة.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

" خبيب بن سليمان بن سمرة، عن أبيه، عن جده.

لا يعرف، وقد ضعّف" انتهى من "ميزان الاعتدال" (1/649).

وكذا والده والراوي عنه وهو جعفر: كلهم مجهول حالهم.

قال ابن القطان رحمه الله تعالى:

" فأما حديث سمرة، فبإسناد مجهول البتة، فيه جعفر بن سعد بن سمرة، وخبيب بن سليمان بن سمرة، وأبوه سليمان بن سمرة.

وما من هؤلاء، من تعرف له حال، وقد جهد المحدثون فيهم جهدهم، وهو إسناد تروى به جملة أحاديث، قد ذكر البزار منها نحو المائة " انتهى من "بيان الوهم والإيهام" (5/138).

فالحاصل؛ أن هذا الإسناد ضعيف لا تقوم به حجة.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

" وبكل حال هذا إسناد مظلم لا ينهض بحكم" انتهى من "ميزان الاعتدال" (1/408).

ثانيا:

الحديث وإن كان ضعيفا؛ إلا أن أصل الدعاء في الخطبة مشروع عموما، لكن من غير تخصيصه بصيغة معينة ووقت محدد.

بل على الخطيب أن يدعو بما يناسب حال الناس والبلد، ولا يتخذ صيغة محددة فهذا لم ترد به السنّة.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" قد يقول قائل: كون هذه الساعة مما ترجى فيها الإجابة، وكون الدعاء للمسلمين فيه مصلحة عظيمة موجود في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وما وجد سببه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله فتركه هو السنة؛ إذ لو كان شرعا لفعله النبي صلى الله عليه وسلم، فلا بد من دليل خاص يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو للمسلمين، فإن لم يوجد دليل خاص فإننا لا نأخذ به، ولا نقول: إنه من سنن الخطبة، وغاية ما نقول: إنه من الجائز.

لكن قد روي: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستغفر للمؤمنين في كل جمعة )، فإن صح هذا الحديث فهو أصل في الموضوع، وحينئذ لنا أن نقول: إن الدعاء سنّة.

أما إذا لم يصح، فنقول: إن الدعاء جائز، وحينئذ لا يتخذ سنّة راتبة يواظب عليه؛ لأنه إذا اتخذ سنّة راتبة يواظب عليه فهم الناس أنه سنّة، وكل شيء يوجب أن يفهم الناس منه خلاف حقيقة الواقع فإنه ينبغي تجنبه" انتهى من "الشرح الممتع" (5/66).

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (8/232):

" دعاء الإمام في الخطبة للمسلمين مشروع، كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، ولكن ينبغي للإمام أن لا يلتزم دعاء معينا، بل ينوع الدعاء بحسب الأحوال، أما كثرته وقلته فعلى حسب دعاء الحاجة إلى ذلك، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرر الدعاء ثلاثا في بعض الأحيان، وربما كرره مرتين، فالسنة في الخطيب أن يتحرى ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته ودعواته.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عبد الله بن قعود ، عبد الله بن غديان ، عبد الرزاق عفيفي ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (104460)، ورقم: (140798). 

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب