الحمد لله.
قال ابن كثير رحمه الله: " لما تنزلت الملائكة للنصر، ورآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أغفى إغفاءة، ثم استيقظ، وبشر بذلك أبا بكر، وقال : أبشر يا أبا بكر، هذا جبريل يقود فرسه، على ثناياه النقع ؛ يعني من المعركة.
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العريش في الدرع ، فجعل يحرض على القتال، ويبشر الناس بالجنة ويشجعهم بنزول الملائكة، والناس بعد على مصافهم لم يحملوا على عدوهم، حصل لهم السكينة والطمأنينة " انتهى من "البداية والنهاية" (5/ 121).
ولكن الله تعالى أجرى الأمر على الأسباب فجعل الملائكة عونًا لأهل الإيمان، ومددًا لهم، وجعل القتال لأهل الإيمان، مع مشاركة الملائكة بالقتال.
قال ابن عطية رحمه الله:
"الضمير في جَعَلَهُ اللَّهُ عائد على الإنزال والإمداد، و البشرى مصدر واللام في وَلِتَطْمَئِنَّ متعلقة بفعل مضمر يدل عليه جعله، ومعنى الآية: وما كان هذا الإمداد إلا لتستبشروا به وتطمئن به قلوبكم وتروا حفاية الله بكم، وإلا فالكثرة لا تغني شيئا إلا أن ينصر الله، وقوله: وَمَا النَّصْرُ يريد للمؤمنين، وكذلك أيضا هي الإدالة للكفار من عند الله " انتهى من "المحرر الوجيز" (1/505).
وقال الشيخ تقي الدين السبكي رحمه الله :
"سئلت عن الحكمة في قتال الملائكة مع النبي صلى الله عليه وسلم مع أن جبريل قادر على أن يدفع الكفار بريشة من جناحه ؟
فقلت: وقع ذلك لإرادة أن يكون الفعل للنبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، وتكون الملائكة مددًا على عادة مدد الجيوش، رعاية لصورة الأسباب وسنتها التي أجراها الله تعالى في عباده .. "، انظر: "فتح الباري"، لابن حجر (7/ 313)، و"تفسير القاسمي"(2/ 407).
قال الراغب الأصفهاني رحمه الله:
" قوله تعالى: (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126)
الضمير في قوله: (جَعَلَهُ) للإِمداد والوعد، ونبَّه أنه إنما أراد بوعدهم وإمدادهم الملائكة: نعمة عليهم، وهي مسرتهم وسكون جأشهم، فأما النصر في الحقيقة: فليس إلا منه، بلا حاجة إلى استعانة.
وفيه حثٌّ أن لا يبالوا بمن تأخّر عن نصرتهم.
وتنبيه أنه يعين تارة بالمدد، وتارة بغير المدد، وأنه ناصر كل منصور أينما كان، وممن كان، إذ هو المسبب لجميعه، والفاعل الذي لا يستغني فاعل عنه.
ثم وصف نفسه بالعزة والحكمة، تنبيها أن كل عِز منه، وكل حكمة عنه." انتهى من "تفسير الراغب" (3/845).
وينظر للفائدة: "عالم الملائكة الأبرار"، للدكتور عمر الأشقر، رحمه الله (62) وما بعدها .
وأيضا: https://www.alukah.net/sharia/0/77886/
والله أعلم
تعليق