الحمد لله.
أمر الإسلام بالإحسان إلى الحيوان حتى عند ذبحه أو قتله ، بأن يذبح ذبحا مريحا لا تعذيب فيه ، وجعل الإسلام تجويع الحيوان وتعطيشه حتى الموت من الذنوب الكبار التي يستحق صاحبها أن يدخل النار .
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ، لاَ هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا، إِذْ حَبَسَتْهَا، وَلاَ هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ رواه البخاري (3482)، ومسلم (2242).
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:
" عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( بينما رجل يمشي بطريق إذ اشتد عليه العطش، فوجد بئرا فنزل فيها فشرب فخرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له، فقالوا: يا رسول الله! وإن لنا في البهائم لأجرا؟ قال: في كل كبد رطبة أجر).
في هذا الحديث دليل على أن الإساءة إلى البهائم والحيوان لا يجوز ولا يحل، وأن فاعلها يأثم فيها؛ لأن النص إذا ورد بأن في الإحسان إليهن أجرا وحسنات، قام الدليل بأن في الإساءة إليهن وزرا وذنوبا، والله يعصم من يشاء، وهذا ما لا شك فيه ولا مدفع له.
وقد روى مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (دخلت امرأة النار في هرة... ).
فهذا يبين لك ما قلنا، وهو أمر لا تنازع بين العلماء فيه.
وفي هذا الحديث دليل على وجوب نفقات البهائم المملوكة على مالكيها ، وهذا ما لا خلاف فيه أيضا ولا في القضاء به، والحمد لله " انتهى من "التمهيد" (22/ 8 – 9).
وقال النووي رحمه الله تعالى:
" وفي الحديث دليل لتحريم قتل الهرة وتحريم حبسها بغير طعام أو شراب...
وفيه وجوب نفقة الحيوان على مالكه والله أعلم " انتهى من "شرح صحيح مسلم" (14 / 240 - 241).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" ومن ذلك هذه الطيور التي تحبس في الأقفاص، إذا وضع الإنسان عندها الطعام والشراب ولم يقصر، وحفظها من الحر والبرد فلا بأس، وأما إذا قصّر وماتت بسبب تقصيره فإنه يعذب بها، والعياذ بالله، كما عذبت هذه المرأة في الهرة التي حبستها، فدل ذلك على أنه يجب على الإنسان أن يحرص على ما ملكت يمينه من البهائم " انتهى من "شرح رياض الصالحين" (6 / 294).
وبهذا يظهر أن هذه الطريقة في معاملة الدجاج من أجل زيادة الربح طريقة محرمة ، وقد جاء الشرع بالنهي عن طلب الرزق بطريق محرم.
عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّهَا النَّاسُ ، اتَّقُوا اللَّهَ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا، وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، خُذُوا مَا حَلَّ، وَدَعُوا مَا حَرُمَ رواه ابن ماجه (2144)، وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (6 / 209).
والحاصل:
أنه لا يجوز لأصحاب المزارع استعمال الطريقة المذكورة "القلش"؛ بل إن لم تنفعهم هذه الطيور ببيضها، فليذبحوها، أو يبيعوها، ولو بسعر منخفض، وقد انتفعوا ببيضها مدتها الأولى.
وأما منع الطعام أو الشراب عنها: فمحرم، لما فيه من تعذيب الطائر الحي، حتى ولو لم يمت بذلك؛ فكيف لو مات من شدة الجوع والعطش؟!
وطالع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: (65567).
والله أعلم.
تعليق