الحمد لله.
أولا:
إذا كنت تؤمنين حقا بالإله الخالق الواحد، فما عذرك في عدم الإيمان برسله ؟!
وكيف تكونين مؤمنة بالله وأنت لا تتعبدين له بأي شريعة ؟!
وهل تظنين أن الإيمان مجرد فكرة نظرية لا يتبعها أي عمل وتكليف ؟
إن الإيمان بالله يشمل جانبين :
الاعتقاد بوحدانيته وكماله .
وعبادته والتقرب إليه وطاعته وامتثال أمره، ومن ذلك الإيمان بكتبه ورسله.
وما دمت قد رزقك الله البصيرة والفطرة، فما الذي يؤخرك عن الإسلام؟
وإن قضية الدخول في الإسلام، والمبادرة إلى ذلك، دون تفويت لحظة واحدة: أولى، وأعظم قدرا، وخطرا: من مجرد التفكير في مسألة الزواج أو السؤال عنه.
والواحد منا لا يضمن أن يعيش لحظة واحدة، فإذا دخل في الدين الحق، أدرك سبب السعادة الأبدية، وأنقذ نفسه من النار.
وإننا ندعوك لذلك ، وننصحك به ، فبادري ولا تتأخري .
ثانيا:
الإسلام يقوم على تحقيق العبودية لله، والعبد إنما يسمع ويطيع لأمر سيده ومولاه.
فمن آمن بالله، قبِل أحكامه، وأذعن وانقاد لها، وسعى في تطبيقها قدر استطاعته.
ومن هذه الأحكام: تحريم الزواج من غير المسلمة وغير الكتابية.
وهذا حكم مقطوع به في دين الإسلام، لا مجال للنظر أو المناقشة فيه.
قال تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ القصص/68 .
وقال: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا الأحزاب/36 .
ولو أن مسلمة موحدة تؤمن بالله وجميع أنبيائه ورسله، كفرت بآية من كتاب الله تعالى، أو أنكرت أمرا معلوما من الدين، لكانت خارجة عن دين الإسلام بذلك، ولحرم على المسلم نكاحها.
فليس الأمر راجعا إلى كون المرأة موحدة فقط، ولو كان راجعا لذلك، لما جاز نكاح النصرانية فإنها مشركة، في حقيقة أمرها، غير موحدة.
وإنما الأمر يرجع إلى ما أحله الله وما حرمه، فهو صاحب الأمر والنهي، أباح نكاح المسلمة والكتابية، ولم يُبح غيرهما، فلم يكن أمام العبد إلا التسليم والانقياد.
وإذا لم يدرك الإنسان هذه القاعدة التي يقوم عليها الدين- وكل دين- وهي الامتثال والطاعة، فلن يصح منه توحيد، ولن يُقبل منه عمل، مهما زعم لنفسه أنه مؤمن أو موحد.
قال تعالى:فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا النساء/ 65 .
وهذه لا يعني أننا لا ندرك الحكمة من كثير من التشريعات؛ بلى ندرك كثيرا من ذلك، ولكننا نؤمن ونسلم، ولو فرض عدم إدراكنا للحكمة.
ويمكن أن يقال هنا: إن الله العليم الخبير، يعلم أن الكتابية التي تؤمن بالله، وتؤمن بالرسالات في الجملة، وتؤمن بالبعث، هي بذلك قريبة من الإسلام، والزواج منها غالبا يدعوها-كما يدعو أهلها- للإسلام، ويرغبها فيه، ويأخذ بيدها إليه، بخلاف من كانت لا تؤمن بالله، أو بالأنبياء، أو بالبعث.
قد تكون هذه الحكمة، وقد لا نكون أصبنا بكلامنا هذا وجه الحكمة في ذلك التشريع.
غير أننا، وأيا ما كان الأمر: نوقن أن الله لا يشرع شيئا إلا لحكمة، ولسنا نتوقف في شيء من أحكامه حتى نعلم الحكمة منها، بل نذعن ونسلّم، ونعتقد أنه العليم الحكيم الخبير سبحانه.
فيا أمة الله، انظري إلى الأمر بهذا اليسر، والنظر القريب:
إذا كان هناك إله خالق واحد، فإنه صاحب الأمر والنهي، وهو رحيم كريم، يرسل الرسل وينزل الكتب، ليهتدي بذلك من أراد أن يكون عبدا له.
ومن تشرف بهذه العبودية لم يكن له أن يعترض على أحكامه.
فصححي توحيدك لله، وإيمانك به؛ بأن تؤمني بأنبيائه ورسله، وتدخلي في هذا الدين العظيم الذي ارتضاه لعباده، لتسعدي وتنقذي نفسك من النار.
وإننا لنرجو أن تقودك فطرتك وبصيرتك إلى هذا في أسرع وقت إن شاء الله.
نسأل الله أن يشرح صدرك، وينير قلبك، ويهديك إلى ما فيه فلاحك ونجاحك.
والله أعلم.
تعليق