الحمد لله.
أولا:
يستحب تغيير الشيب بغير السواد؛ لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لاَ يَصْبُغُونَ ، فَخَالِفُوهُمْ رواه البخاري (5899).
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : " أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ ، وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : غَيِّرُوا هَذَا بشيء ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ "رواه مسلم (2102).
ثانيا:
لا يجوز الغش والتدليس في الخطبة ، ومنه صبغ الشيب بالسواد، أو بما يقرب منه، بحيث يلتبس الأمر، ويُظن عدم الشيب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي رواه مسلم (102).
قال النفراوي المالكي، رحمه الله:
"(وَيُكْرَهُ صِبَاغُ الشَّعْرِ) الْغَيْرِ الْأَسْوَدِ (بِالسَّوَادِ)، لِغَيْرِ مُقْتَضًى شَرْعِيٍّ...
وَأَمَّا لَوْ كَانَ لِغَرُورِ: مُشْتَرٍ لِعَبْدٍ ، أَوْ مُرِيدِ نِكَاحِ امْرَأَةٍ : فَلَا شَكَّ فِي حُرْمَتِهِ...
ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ السَّوَادِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا بَأْسَ بِهِ) أَيْ الصِّبَاغِ (بِالْحِنَّاءِ) بِالْمَدِّ لِتَحْمِيرِ الشَّعْرِ (وَالْكَتَمِ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالتَّاءِ، وَهُوَ وَرَقُ السُّلَّمِ لِتَصْفِيرِ الشَّعْرِ...
وَإِنَّمَا كُرِهَ الصِّبَاغُ بِالسَّوَادِ دُونَ غَيْرِهِ: لِأَنَّ فِيهِ صَرْفَ لَوْنٍ إلَى لَوْنٍ، مَعَ ذَهَابِ الْأَوَّلِ ؛ بِخِلَافِ نَحْوِ الْحِنَّاءِ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَذْهَبْ جُمْلَةً ، وَإِنَّمَا تَغَيَّرَ ؛ فَلَا يَتَلَبَّسُ الشَّيْبُ عَلَى أَحَدٍ بِاحْمِرَارِهِ أَوْ اصْفِرَارِهِ." انتهى من "الفواكه الدواني" (2/307-308).
وقال في " مطالب أولي النهى " (1/ 89) : " وكره ( تغييره ) أي : الشيب ( بسواد ) في غير حرب ، ( وحرُم ) لتدليس " انتهى.
فإما أن تدع الصبغ ليبدو الشيب، أو تخبرهم به، أو تصبغ بحمرة أو صفرة؛ بحيث لا يلتبس الأمر على من يراك .
والله أعلم.
تعليق