الحمد لله.
أولا:
الحضانة هي حفظ الولد وتربيته والقيام على شئونه، وتكون أثناء قيام الزوجية للوالدين معا.
قال الدردير في "الشرح الكبير" (2/ 526): " فإن كان حيا، وهي في عصمته: فهي حق لهما" انتهى.
وفي "الموسوعة الفقهية" (17/ 301): " وحضانة الطفل تكون للأبوين إذا كان النكاح قائما بينهما" انتهى.
وحينئذ؛ فليس للوالد أن يبعد الأولاد عن حضانة أمهم، زمنا طويلا، عما جرت العادة بفراق الأم لأبنائها فيه، من غير عذر شرعي معتبر في ذلك.
ثانيا:
مكان الحضانة هو المسكن الذي يقيم والد المحضون.
وليس للزوجة (الأم) أن تسافر بأولادها، ولو كانوا صغارا إلا بإذن أبيهم، سواء كان سفرها للانتقال التام، أم لحاجة عارضة كزيارة ونحوها.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (17/ 308): "مكان الحضانة هو المسكن الذي يقيم فيه والد المحضون، إذا كانت الحاضنة أمه وهي في زوجية أبيه، أو في عدته من طلاق رجعي أو بائن. ذلك أن الزوجة ملزمة بمتابعة زوجها، والإقامة معه حيث يقيم، والمعتدة يلزمها البقاء في مسكن الزوجية حتى تنقضي العدة سواء مع الولد أو بدونه، لقوله تعالى: لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة..." .
وليس للزوج أن يخرج زوجته من منزل الزوجية، من غير سبب شرعي يبيح له ذلك، فإن السكن حق للزوجة على زوجها ، وليس له أن يمنعها حقها ، ولا يضارها فيه بغير إذن من الشارع . وليس لها أيضا ، أن تخرج من مسكن الزوجية غير إذن زوجها .
قال الله تعالى: يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا الطلاق/1
وإذا كان هذا في حق المطلقة الرجعية، يحرم على زوجها أن يخرجها من بيته ، ويحرم عليها هي أن تخرج من مسكن الزوجية، من غير سبب شرعي يبيح لهما ذلك؛ فلأن يكون ذلك في حق الزوجة، في حال قيام الزوجية التامة أولى، وهو ظاهر لا خفاء به إن شاء الله ؛ ليس للزوج أن يمنع زوجته من السكن في بيتها الذي أسكنها فيه، إلا لسبب معتبر، وليس لها أيضا أن تهاجره، وتترك مسكنه.
وعليه، فينهى الزوج عن إخراجها من مسكنها، أو إرسالها لأهلها، بقصد المضارة ؛ فإن من ضار، ضار الله به .
وليس له أيضا أن يستعمل زوجته ورقة ضغط على أهلها، في مشكلة تكون بينه وبينهم، أو بين الأهلين، بعضهم وبعض، فذاك أبعد شيء عن العشرة بالمعروف، وعن مكارم الأخلاق.
ثالثا:
إذا كان الأولاد صغارا وتبين أن الزوج يريد الإضرار بزوجته ويصر على سفرها دونهم، لا سيما إذا كانت لا تريد السفر أصلا، فلها أن تسعى في توسيط بعض الأمناء الصالحين، ممن حولهم، والسعي في كلام الزوج ، أن يبعد بيته وزوجه وأولاده عن دائرة المشكلات، قدر المستطاع، وأن يترفع عن جعل زوجته ورقة ضغط على أسرتها، أو تحميلها خطأ غيرها، أو أوزار أهلها ، وقد قال الله تعالى : وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى الأنعام/164
فإن تعذر ذلك، ولم تصبر على ما نالها من أذى، فلها أن ترفع الأمر إلى القضاء الشرعي للفصل في ذلك.
والله أعلم.
تعليق