الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

حكم رسم القصص التعليمية المشتملة على صور ذوات الأرواح للأطفال والبالغين

315944

تاريخ النشر : 28-09-2019

المشاهدات : 21065

السؤال

ما حكم العمل في مجلة تحتوي قصصًا مرسومة لتعليم المراهقين واليافعة اللغة العربية ، وهي تحتوي علي رسومات كارتونية واضحة الملامح ، تشمل العين والرأس والجسم كاملاً ، لذوات الأرواح ، وقصصا مصورة ، ورسما لشخصيات شعراء العرب ونحو ذلك ، هي مجلة مطبوعة مشهورة جدًا في العالم العربي تسمى مجلة الضاد - تعلم النحو والشعر بصورة ماتعة ، نويستفيد منها الأطفال والبالغون، فما حكم العمل بها ؟ وما حكم المال المأخوذ منها ؟ وهل العمل بتنسيق القصص والرسوم يكون مختلفا في الحكم عن العمل بالكتابة في المجلة ؟ أي إن كانت المجلة محرمة فهل يمكنني كتابة مقالات بها فقط ؟ مع العلم أن المجلة تُنشر وتباع جملة واحدة شاملة للكتابة والرسوم سويا.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

لا يجوز رسم صور ذوات الأرواح؛ لما ثبت من لعن المصورين وذمهم، في نصوص كثيرة مشهورة، ومنها ما روى البخاري (2225) عن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : " إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ ، إِنِّي إِنْسَانٌ إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِنْ صَنْعَةِ يَدِي ، وَإِنِّي أَصْنَعُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لاَ أُحَدِّثُكَ إِلَّا مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (مَنْ صَوَّرَ صُورَةً، فَإِنَّ اللَّهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا) فَرَبَا الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً، وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ، إِنْ أَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تَصْنَعَ، فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ، كُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ " .

ورواه مسلم (2110) بلفظ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:  كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ، يَجْعَلُ لَهُ، بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا، نَفْسًا فَتُعَذِّبُهُ فِي جَهَنَّمَ  وقَالَ: إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا، فَاصْنَعِ الشَّجَرَ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ ".

لكن يستثنى من ذلك:

1-أن ترسم هذه الصور للأطفال ، أو يرسمها الأطفال ، لأنه إذا رُخص لهم في الصور المجسمة كلعب البنات ، فالرسم من باب أولى.

وأما رسم ذلك للبالغين ، أو رسمهم هم لذلك ، أو رسم ما لا يحتاجه الأطفال كصور الشعراء ، فباق على أصل التحريم.

وقد روى أبو داود (4932) عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: " قَدِمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِن غَزْوَةِ تَبُوكَ أو خيبر، وَفِي سَهْوَتِهَا سِتْرٌ، فَهَبَّت رِيحٌ ، فَكَشَفَت نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَن بَنَاتٍ لِعَائِشَةَ، لُعَب ، فَقَالَ:  مَا هَذا يَا عَائِشَةُ؟  قَالَت: بَنَاتِي ، وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسًا لَه جَنَاحَانِ مِن رِقَاعٍ. فَقَال:  مَا هَذَا الذِي أَرَى وَسطَهن؟   قَالت: فَرَسٌ. قَالَ: وَمَا هَذا الذي عَليه؟   قَالَت: جَنَاحَانِ. قَالَ:  فَرَسٌ لَه جَناحانِ؟! قَالَت: أَمَا سَمِعتَ أَنَّ لِسُلَيمَانَ خَيْلًا لَهَا أَجْنِحَةٌ؟! قَالَت: فَضَحِكَ حَتَّى رَأَيتُ نَوَاجِذَه" وصححه العراقي في " تخريج الإحياء " (2/344) والألباني  في "صحيح أبو داود".

قالَ الحافظُ ابنُ حجر رحمه الله :

" استُدلَّ بهذا الحديثِ على جوازِ اتخاذِ صورِ البناتِ واللعب ، من أجلِ لَعِبِ البناتِ بهن ، وخُصَّ ذلك من عمومِ النهي عن اتخاذِ الصور ، وبه جزمَ عياضٌ ، ونقله عن الجمهورِ ، وأنهم أجازوا بيعَ اللعبِ للبناتِ لتدريبهن من صغرِهن على أمرِ بيوتهِن وأولادهن" .

انتهى من " فتح الباري " (10/527) .

2-أن تُرسم الصورة ناقصة ، كالصورة النصفية ، وقد أجاز جمهور الفقهاء رسم الصورة إذا أزيل منها ما لا تبقى معه الحياة.

قال ابن قدامة رحمه الله: " فإن قطع رأس الصورة ، ذهبت الكراهة. قال ابن عباس: الصورة الرأس ، فإذا قطع الرأس فليس بصورة. وحكي ذلك عن عكرمة. وقد روي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاني جبريل، فقال: أتيتك البارحة، فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب ، فمر برأس التمثال الذي على الباب فيقطع، فيصير كهيئة الشجر، ومر بالستر فلتقطع منه وسادتان منبوذتان يوطآن ، ومر بالكلب فليخرج. ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وإن قطع منه ما لا يبقي الحيوان بعد ذهابه ، كصدره أو بطنه ، أو جعل له رأس منفصل عن بدنه ، لم يدخل تحت النهي ، لأن الصورة لا تبقي بعد ذهابه ، فهو كقطع الرأس.

وإن كان الذاهب يبقي الحيوان بعده ، كالعين واليد والرجل ، فهو صورة داخلة تحت النهي.

وكذلك إذا كان في ابتداء التصوير صورة بدن بلا رأس ، أو رأس بلا بدن، أو جعل له رأس وسائر بدنه صورة غير حيوان، لم يدخل في النهي؛ لأن ذلك ليس بصورة حيوان ".

انتهى من " المغني" (7/ 216).

ثانيا:

إذا لم تراع المجلة ذلك، ورسمت الصور المحرمة ، فالذي يظهر جواز أن تُكتب فيها المقالات النافعة، والإثم على من يرسم الصور وينشرها.

وينظر: جواب السؤال رقم : (153155) ورقم (260883) .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب