الحمد لله.
أولا:
اتفق أهل العلم على أن من فرائض الغسل تعميم جميع الجسم -بشرة وشعرا- بالماء.
قال ابن حزم رحمه الله تعالى:
" واتفقوا أن إمساس الجلد كله والرأس في الغسل بالماء فرض " انتهى، من "مراتب الإجماع" (ص 19).
وجاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (31 / 207):
" اتفق الفقهاء على أن تعميم الشعر والبشرة بالماء من فروض الغسل " انتهى.
لكن ذهبت طائفة من أهل العلم؛ إلى أن الشيء اليسير الذي يمنع مس البشرة بالماء معفو عنه.
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" وإن منع يسير وسخ ظفر ونحوه وصول الماء صحت الطهارة، وهو وجه لأصحابنا، ومثله كل يسير منع وصول الماء حيث كان: كدم، وعجين " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5 / 303).
وقال المرداوي رحمه الله تعالى:
" لو كان تحت أظفاره يسير وسخ يمنع وصول الماء إلى ما تحته، لم تصح طهارته. قاله ابن عقيل. وقدمه في "القواعد الأصولية"، و "التلخيص"، وابن رزين في "شرحه".
وقيل: تصح. وهو الصحيح. صححه في "الرعاية الكبرى"، وصاحب "حواشي المقنع". وجزم به في "الإفادات". وقدمه في "الرعاية الصغرى". وإليه ميل المصنف. واختاره الشيخ تقي الدين. قال في "مجمع البحرين": اختاره شيخ الإسلام، يعني به المصنف. ونصره. وأطلقهما في "الحاويين". وقيل: يصح ممن يشق تحرزه منه؛ كأرباب الصنائع والأعمال الشاقة من الزراعة وغيرها. واختاره في "التلخيص"، وأطلقهن في "الفروع". وألحق الشيخ تقي الدين كل يسير منع حيث كان من البدن. كدم وعجين ونحوهما، واختاره " انتهى من"الإنصاف" (1 / 343 - 344).
وقد سبق بيان ذلك، وأن العفو عن اليسير في مسائل الباب: هو القول الراجح.
وينظر جواب السؤال رقم: : (45812)، ورقم : (227587)، ورقم: (296429) .
ثانيا:
إذا تقرر أن القول الراجح هو العفو عن الحائل اليسير، والعفو كذلك عن يسير النجاسات التي يشق التحرز منها ؛ فالأمر في هذه الشوكة أخف، وأقرب للعفو؛ فإن الشوكة إن كانت مغروزة تحت الجلد بالكلية: فلا أثر لها، ولا تحول دون طهارة العضو المغسول، لأن الغسل إنما يكون لظاهر الجلد، وليس لباطنه، ولما لما تحته.
وإن كان طرفها ظاهرا من الجلد: فالظاهر أيضا أنه لا حكم لها، لأن طرف الشوكة الخارج من الجلد لم يشغل حيزا منه، بل خرقه، ونفذ فيه إلى الباطن.
وإذا فرض أنه قد غطى شيئا منه، فإنما هو شيء يسير معفو عنه، على ما سبق تقريره.
ومثل هذا الحائل: يتعذر في المعتاد من الأحوال الانتباه له، ويشق على المغتسل تتبعه والبحث عن أمثاله؛ بل التفتيش عن مثل رؤوس الإبر داخل في التكلف، والشريعة لم تأت بالحرج والمشقة، بل جاءت برفعهما.
قال الله تعالى: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ المائدة/6.
فالحاصل؛ أن مثل هذا لا يؤثر في صحة الغسل.
والله أعلم.
تعليق