الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

صلاة التوبة هل يجب تجديد الوضوء لها؟

317072

تاريخ النشر : 01-10-2019

المشاهدات : 16389

السؤال

هل من شروط صلاة التوبة الوضوء حتى ولو كنت على طهارة ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

حثّ الشرعُ التائبَ على أن يتوضأ ، ويصلي ركعتين ، ويستغفر.

فعَنْ عَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال: كُنْتُ رَجُلًا إِذَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا،  نَفَعَنِي اللَّهُ مِنْهُ بِمَا شَاءَ أَنْ يَنْفَعَنِي، وَإِذَا حَدَّثَنِي أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ اسْتَحْلَفْتُهُ، فَإِذَا حَلَفَ لِي صَدَّقْتُهُ.

قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:   مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا، فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ:   وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ   إِلَى آخِرِ الْآيَةِ .

رواه أبو داود (1521) ، والترمذي (406) وقال: " حَدِيثُ عَلِيٍّ حَدِيثٌ حَسَنٌ "، وصحح اسناده الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (5 / 252).

وإنما كان ذلك، لتحقيق كمال التوبة، وإزالة أثر المعصية؛ لأن  كل واحد من هذه الأمور قد جعله الشرع من أسباب محو الخطايا، وقد أمر به على وجه الانفراد.

فالوضوء كما ورد من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:   إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ - أَوِ الْمُؤْمِنُ - فَغَسَلَ وَجْهَهُ: خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ، مَعَ الْمَاءِ - أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ -، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ: خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ، مَعَ الْمَاءِ، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ -، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ: خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلَاهُ، مَعَ الْمَاءِ - أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ - حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ  رواه مسلم (244).

وعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوء:َ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ، حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِهِ  رواه مسلم (245).

والصلاة؛ كما في قوله تعالى:  وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ  هود /114.

والاستغفار؛ كما في قول الله تعالى:  وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ   آل عمران/135 - 136 .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" قد دلت نصوص الكتاب والسنة: على أن عقوبة الذنوب تزول عن العبد بنحو عشرة أسباب:

 أحدها: التوبة وهذا متفق عليه بين المسلمين...

السبب الثاني: الاستغفار كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إذا أذنب عبد ذنبا فقال: أي رب أذنبت ذنبا فاغفر لي، فقال: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ، قد غفرت لعبدي ... ).

وفي صحيح مسلم عنه أنه قال: ( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون ثم يستغفرون فيغفر لهم )... " انتهى من "مجموع الفتاوى" (7 / 487 - 488).

ومطلق الحسنات بعد السيئات يرجى أن تمحوها؛ عن أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ​​​​​​​  رواه الترمذي (1987) وقال: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ".

ثانيا:

فالمذنب إذا كان على وضوء أثناء ذنبه؛ ولم يصدر منه ناقض من نواقض الوضوء: فهذا المذنب ، على هذه الحال ؛ لا يشترط له أن يعيد الوضوء لأجل صلاة الركعتين، لكن يستحب، فالذنب لا يبطل الوضوء.

قال ابن المنذر رحمه الله تعالى:

" إذا تطهر الرجل : فهو على طهارته ، إلا أن تدل حجة على نقض طهارته.

وأجمع كل من نحفظ قوله من علماء الأمصار : على أن القذف ، وقول الكذب ، والغيبة : لا تنقض طهارة ، ولا توجب وضوءا.

كذلك مذهب أهل المدينة، وأهل الكوفة من أصحاب الرأي، وغيرهم، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق.

وقد روينا عن ابن عباس أنه قيل له: السرقة والخيانة والكذب والفجور والنظر إلى ما لا يحل، أيوجب الوضوء؟ قال: لا، الحدث حدثان: حدث من فوق، وحدث من أسفل...

وقد روينا عن غير واحد من المتقدمين أنهم أمروا بالوضوء من الكلام الخبيث وأذى المسلم...

ولا أحسب من أمر بالوضوء من ذلك إلا استحسانا، بيّن ذلك في ألفاظ حديثهم " انتهى من "الأوسط" (1 / 230 - 233).

وينظر نواقض الوضوء في الجواب رقم : (14321).

وعلى ذلك، فإذا صلّى دون أن يجدد وضوءه ، فصلاته صحيحة .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب

موضوعات ذات صلة