الحمد لله.
إذا رأت الحائض القصة البيضاء فقد طهرت؛ لما روى مالك في الموطأ (130) عن أم علقمة أَنَّهَا قَالَتْ: "كَانَ النِّسَاءُ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ بِالدِّرَجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ يَسْأَلْنَهَا عَنْ الصَّلَاةِ ، فَتَقُولُ لَهُنَّ : لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ . تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضَةِ".
ورواه البخاري معلقاً (كتاب الحيض، باب إقبال المحيض وإدباره).
والدُّرْجة: هو وعاء صغير تضع المرأة فيه طيبها ومتاعها. وينظر: "النهاية" لابن الأثير (2/ 246).
والكرسف: القطن.
وما نزل بعد ذلك من كدرة أو صفرة، فلا يعد شيئا؛ لقول أم عطية رضي الله عنها: " كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً " رواه أبو داود (307).
وأما إذا نزل دم، ففيه تفصيل:
1-فإن كان نقاطا يسيرة، فليس بشيء أيضا؛ لأن الحيض دم يسيل، وليس نقاطا، لا سيما بعد انقضاء الدورة.
سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " إذا كانت المرأة تحيض ثمانية أيام، فتغتسل في اليوم الثامن، ومن ثَمَّ تنزل عليها قطرات دم خفيفة في ذلك اليوم، فهل لها أن تغتسل؟ مع العلم أنها قد تغتسل مرتين، وأحياناً تترك الغسل، فهل تأثم؟ وماذا تفعل؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كانت تعرف أن الدم لم ينقطع انقطاعاً تاماً ، فلتنتظر حتى ينقطع انقطاعاً تاما، ثم تغتسل.
وأما إذا عرفت أنه انقطع انقطاعا تاما : فإنها تغتسل ، من حين انقطاعه، ثم إن حصل بعد ذلك نقطة أو نقطتان، فإن ذلك لا يضر " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (3 / 323).
2-وإن كان دما يسيل، فإنه حيض، فتمتنعين عن الصلاة حتى تطهري، ما لم يجاوز الدم خمسة عشر يوما من أول مجيء حيضك، فإن جاوزه فأنت مستحاضة، فتغتسلين وتصلين.
ثم في الشهر التالي، تجلسين قدر عادتك إذا كنت منضبطة، ثم تغتسلين، وتصلين، لكن يلزمك الوضوء لكل فريضة بعد دخول الوقت؛ لما روى البخاري (325) عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ، سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ، فَقَالَ: لاَ إِنَّ ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَكِنْ دَعِي الصَّلاَةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي .
قال في "مطالب أولي النهى" (1/ 255 - 257): " (وإن استحيضت من لها عادة: جلستها) - أي: عادتها - (إن علمتها ، بأن تعرف شهرها ووقت حيضها وطهرها وعدد أيامها ، ولو كان دمها متميزا) ...
(وشهرها) - أي: المرأة - (ما اجتمع لها فيه حيض وطهر صحيحان)، أي: تامان (كأربعة عشر) يوما بلياليها: يوم بليلته للحيض؛ لأنه أقله، وثلاثة عشر بلياليها للطهر؛ لأنها أقلها.
الحال الثاني: أن تذكر عدد أيام حيضها وتنسى موضعه، وإلى ذلك أشير بقوله: (و) تجلس (ناسيةُ وقتٍ " فقط " العددَ به)، أي: بشهرها من أول مدة علم الحيض فيها، وضاع موضعه، كنصف الشهر الثاني.
وإن لم تعلم لحيضها مدة: بأن كانت لا تعلم هل كان حيضها في أول الشهر أو وسطه أو آخره؟ فإنها تجلس العدد من أول كل شهر هلالي حملا على الغالب" انتهى.
فإن لم يكن لك عادة منضبطة، عملت بالتمييز، فإذا كان الدم بصفة دم الحيض المعروف، فإنه حيض، وإن كان على غير ذلك: فهو استحاضة.
وإن لم تنضبط لك عادة، ولا أمكنك تمييز الدم بصفته: جلست غالب الحيض وهو ستة أيام أو سبعة، على عادة نسائك.
وانظري جواب السؤال رقم :(68818) .
والله أعلم.
تعليق