الحمد لله.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ رواه البخاري (5090)، ومسلم (1466).
هذا الحديث فيه حث المسلم على الزواج بذات الدين فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ ، وأما اختيار ذات المال أو الجمال أو الحسب، فالحديث لم يأمر به، وإنما أخبر أنه هو واقع الناس.
قال النووي رحمه الله تعالى:
" قوله صلى الله عليه وسلم ( تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ )، الصحيح في معنى هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بما يفعله الناس في العادة؛ فإنهم يقصدون هذه الخصال الأربع، وآخرها عندهم ذات الدين؛ فاظفر أنت أيها المسترشد بذات الدين... " انتهى. "شرح صحيح مسلم" (10 / 51 - 52).
وأعلى ما يمكن أن يدل عليه الحديث، هو أنه أقر من يختار الزوجة ذات المال ، فلم ينه عنه، وإنما أرشد إلى الأفضل.
وإباحة الشرع للمسلم أن يختار ذات المال؛ ليس فيه ما يدل على أنه بهذا يكون متصرفا في مالها، منتفعا به، بل لا يحل له منه إلا ما تنازلت عنه برضى نفس.
قال الله تعالى: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا النساء/4 .
والمرأة إذا كانت رشيدة غير سفيهة فلها حق التصرف في مالها كالرجل.
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:
" للمرأة الرشيدة التصرف في مالها كله، بالتبرع، والمعاوضة...
قوله تعالى: ( فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ). وهو ظاهر في فك الحجر عنهم، وإطلاقهم في التصرف...
ولأن من وجب دفع ماله إليه لرشد، جاز له التصرف فيه من غير إذن، كالغلام، ولأن المرأة من أهل التصرف، ولا حق لزوجها في مالها؛ فلم يملك الحجر عليها في التصرف بجميعه، كأختها " انتهى. "المغني" (6 / 602 - 604).
وعلى هذا ؛ فكون الرجل ينكح المرأة لمالها ، لا يلزم منه أن يكون متصرفا في مالها بغير رضاها ، أو أنه يستولي على مالها .
ولكن .. جرت العادة أن الزوجين يتبسط أحدهما في مال الآخر برضاه وإذنه .
والله أعلم.
تعليق