الحمد لله.
أولا:
إن كان بالمقصود بالسؤال أنهم ولدوا وهم مختونين.
فلا يعلم دليل صحيح على أن من الأنبياء من ولد وهو مختون، حتى إن أفضل الأنبياء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لم يثبت أنه ولد مختونا. راجع جواب السؤال رقم : (31069).
ثانيا:
وأما إن كان المقصود هل ختنوا بعد ولادتهم؟ أو كان من شرعهم؟
فالذي نص عليه الحديث الصحيح هو أن إبراهيم عليه السلام اختتن.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً بِالقَدُّومِ رواه البخاري (3356)، ومسلم (2370).
وقد جاء ما يدل على أن إبراهيم عليه السلام هو أول من اختتن.
فروى الإمام مالك في "الموطأ" (2 / 922) عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: " كَانَ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ النَّاسِ ضَيَّفَ الضَّيْفَ، وَأَوَّلَ النَّاسِ اخْتَتَنَ، وَأَوَّلَ النَّاسِ قَصَّ الشَّارِبَ، وَأَوَّلَ النَّاسِ رَأَى الشَّيْبَ، فَقَالَ: يَا رَبِّ مَا هَذَا؟ فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَقَارٌ يَا إِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ: يَا رَبِّ زِدْنِي وَقَارًا ".
لكن هذا مقطوع على سعيد بن المسيب فليس فيه حجة.
لكن ورد مرفوعا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (6 / 201)، قال:
أخبرنا أبو المعالي محمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن الحسين، أخبرنا أبو حامد أحمد بن الحسن بن محمد الأزهري، أخبرنا أبو محمد المخلدي، أخبرنا أبو العباس السراج، أخبرنا محمد بن عثمان بن كرامة العجلي، أخبرنا أبو أسامة، حدثني محمد بن عمرو، أخبرنا أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كَانَ أَوَّلَ مَنْ ضَيَّفَ الضَّيْفَ إِبْرَاهِيمُ، وَهُوَ أَوَّلَ مَنْ اخْتَتَنَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِينَ سَنَةً وَاخْتَتَنَ بِالقَدُّوم .
قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:
" وهذا سند حسن رجاله كلهم ثقات معرفون ... " انتهى من "السلسلة الصحيحة" (2 / 352).
ثم قال بعد هذا في "السلسلة الضعيفة" (5 / 131):
" وهذا إسناد حسن، وفي أوله زيادة عند ابن عساكر، كنت قديما خرجتها في "الصحيحة" (725) ، والآن داخلني شك في رفعها " انتهى.
لكن من أهل العلم من نقل الإجماع على هذه الأوليّة.
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:
" وأجمع العلماء على أن إبراهيم أول من اختتن " انتهى من "التمهيد" (21 / 59).
ثم تتابع الأنبياء على ملة إبراهيم عليه السلام، ومنها فعل هذه الفطرة الإسلامية.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" وقد روى أنه أول من اختتن -كما تقدم- والذي في "الصحيح": اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة، واستمر الختان بعده في الرسل وأتباعهم، حتى في المسيح فإنه اختتن، والنصارى تقر بذلك ولا تجحده " انتهى من "تحفة المودود" (ص 229).
والله أعلم.
تعليق