الحمد لله.
الأصل أن الطلاق والخلع لا يقعان إلا بإيقاع الزوج لهما، إلا إذا غاب الزوج وتضررت الزوجة، أو امتنع عن طلاقها أو خلعها، مع وجود ما يدعو للطلاق أو الخلع، فإن للقاضي المسلم أن يطلق للضرر، أو يجبر الزوج على الخلع.
وإذا عُدم القاضي المسلم، فإن جماعة المسلمين الثقات يقومون مقامه في ذلك.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: " ... وإن أبى الزوج الطلاق أو رضي بالطلاق بشرط العوض وأبت المرأة تسليم العوض، أخرهما القاضي مدة على حسب ما يقتضيه اجتهاده، فلعلهما أن يصطلحا أو يسمح الزوج بالطلاق أو تسمح المرأة ببذل العوض.
فإن لم ينفع ذلك، ولم تحصل الفرقة، وترادا إلى الحاكم في ذلك: جاز للقاضي أن يجبر الزوج على الفراق بلا عوض، إن ظهر له ظلمه، وإن اشتبه الأمر أجبر المرأة على تسليم العوض الذي دفع إليها الزوج ...... ، والدليل في هذا قصة ثابت بن قيس مع زوجته وقول النبي صلى الله عليه وسلم (اقبل الحديقة وطلقها تطليقة) رواه البخاري.
قال العلامة ابن مفلح في الفروع: وقد اختلف كلام شيخنا في وجوبه، وقد ألزم به بعض حكام الشام المقادسة الفضلاء انتهى.
ويعني بشيخه: شيخ الإسلام ابن تيمية، ومراده أن شيخ الإسلام أوجبه مرة، ولم يوجبه أخرى، والقول بوجوبه على الزوج هو الأقرب عندي كما تقدم، وهو أحوط من كون القاضي يتولى ذلك، وأحسم لمادة نزاع الزوج، وقصة ثابت مع زوجته حجة ظاهرة في هذا، ولله الحمد، والله أعلم " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (21/ 256).
وقال العدوي في حاشيته على كفاية الطالب الرباني (2/ 133): " وجماعة المسلمين العدول يقومون مقام الحاكم في ذلك، وفي كل أمر يتعذر الوصول إلى الحاكم، أو لكونه غير عدل" انتهى.
وينظر: جواب السؤال رقم : (184519).
فإذا كان المفتي أجبر الزوج على قبول الخلع أو الطلاق، أو طلق عليه في غيابه لدفع الضرر بعد مراسلته وإبائه، أو بعد عدم الاهتداء إليه، فالطلاق صحيح.
وإذا كان الزوج الأول لم يُبلغ بشيء كما ذكرت، فلا صحة لوقوع الخلع، لكن يبقى الطلاق عليه في حال غيابه.
والذي نراه أن تراجع المفتي المذكور لتتحقق من إيقاعه الطلاق، فإن لم يكن أوقع الطلاق، فهي زوجة للأول، وزواجك منها باطل، لكن الأولاد ينسبون إليك شرعا؛ لاعتقادك صحة النكاح، وتأثم هي إثما عظيما إن كانت تعلم أنه لم يقع طلاق ولا خلع، فتكون زانية بمعاشرتها لك.
فإن طلقها زوجها الأول أو خلعها، جاز لك أن تنكحها بعقد جديد.
والله أعلم.
تعليق