الحمد لله.
لا شك أن اللباس في أصله من المال المحترم الذي يجب صونه عن الإتلاف، وحذر الشرع من اضاعته فيما لا ينفع.
قال الله تعالى : يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ الأعراف/31 .
وقال الله تعالى: وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ، إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا الإسراء/26 – 27.
وعَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ المَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ رواه البخاري (1477)، ومسلم (593).
قال الأمير الصنعاني رحمه الله تعالى:
" كراهته تعالى للشيء: عدم رضاه به ، وعدم محبته .
وهل يدل على التحريم لما أخبر عنه أن يكرهه؟ يحتمل " انتهى من "التنوير" (3 / 327).
ولا شك أن التوقيع على القميص يزيل منفعة لبسه ويهدرها؛ وفي المقابل لا منفعة ولا مصلحة تذكر في تلك التوقيعات، فيكون هذا التصرف صورة من صور إضاعة المال واسرافه.
ولو فرض أن لهذا التوقيع منفعة، فيمكن تحصيلها بالتوقيع في "مفكرة" خاصة بذلك، أو في الدفاتر، ونحو هذا مما لا يفسد المال.
والذي ينبغي على المسلم في تصرفاته العادية أن يقارن بين المصالح والمفاسد الشرعية؛ فإن كانت المفسدة أقوى، تجنبها، وهذا مقتضى الورع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" وتمام "الورع" أن يعلم الإنسان خير الخيرين وشر الشرين، ويعلم أن الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، وإلا فمن لم يوازن ما في الفعل والترك من المصلحة الشرعية والمفسدة الشرعية، فقد يدع واجبات ويفعل محرمات " انتهى من "مجموع الفتاوى" (10 / 512).
فالحاصل؛ أن هذا التصرف من إضاعة المال، والإسراف المنهي عنه، وليست فيه مصلحة معتبرة . وإذا قدر أن فيه شيئا من المصلحة، فيمكن تحصيلها بغير هذا الوجه من الإضاعة والإسراف.
والله أعلم.
تعليق