السبت 22 جمادى الأولى 1446 - 23 نوفمبر 2024
العربية

ما ضابط الفتنة التي توجب على المرأة ستر وجهها؟

325756

تاريخ النشر : 16-01-2024

المشاهدات : 2630

السؤال

سؤالي عن حكم لبس النقاب للفتاة الجميلة، في حالة لو كان النقاب مستحبا إن أؤتمنت الفتنة، فما هي المعايير الشرعية التي تحكم على أن الفتاة جميلة، ويجب عليها تغطية وجهها؛ لأن الجمال يختلف من دولة إلى أخرى، وهكذا من شخص إلى آخر؟ وهل يكفي أن تخبرني مثلا النساء في كل لقاء جديد أنني جميلة؟

الجواب

الحمد لله.

سبق في الموقع بيان وجوب تغطية الوجه على المرأة.

كما في الجواب رقم: (21536)، ورقم: (11774).

نعم ، ذهب طائفة من أهل العلم إلى عدم الوجوب، وأن التغطية مستحبة فقط.

والذي يتعيّن على المسلمة التي تأخذ بعدم وجوب التغطية ، الآتي:

أولا:

أن يكون أخذها بعدم الوجوب لأنه يغلب على ظنها أنه هو الحق، كأن يكون العالم الذي تعتقد أنه الأعلم والأفضل، وتتبعه فيما يفتي به: يفتي بعدم وجوب هذه التغطية؛ فتكون متحرية للصدق في البحث عن الحق.

قال الله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ التوبة/119.

فعلى المسلمة أن تحذر من اتباع الهوى في مثل هذه المسائل فتتخير الفتاوى؛ فتتبع في كل مسألة من يفتي بما يوافق هواها، فهذا خطر عظيم؛ قال الله تعالى:

وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ص/26.

ثانيا:

أن تحتاط لدينها؛ فإذا لم تكن هناك مشقة ولا ضرر في التغطية؛ فالأفضل لها أن تغطي وجهها إدراكا لفضل ستر الوجه، وخروجا من الخلاف.

قال عز الدين ابن عبد السلام رحمه الله تعالى:

" وإن تقاربت الأدلة في سائر الخلاف، بحيث لا يبعد قول المخالف كل البعد: فهذا مما يستحب الخروج من الخلاف فيه؛ حذرا من كون الصواب مع الخصم، والشرع يحتاط لفعل الواجبات والمندوبات، كما يحتاط لترك المحرمات والمكروهات " انتهى من "قواعد الأحكام" (1 / 253 - 254).

وعمدة هذا حديث النُّعْمَان بْن بَشِيرٍ، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: الحَلاَلُ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ ...  رواه البخاري (52)، ومسلم (1599).

وجاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (36/332):

" ذهب جمهور الفقهاء إلى استحباب مراعاة الخلاف في الجملة، باجتناب ما اختلف في تحريمه، وفعل ما اختلف في وجوبه " انتهى.

ثالثا: 

إذا اتبعت هذه الفتوى التي ترخص وتبيح كشف الوجه؛ فيتقيد هذا بأن لا يقود هذا الكشف إلى فتنة لها أو للناظر، لما علم من غلق الشرع لأبواب الفتن.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" والأصل أن كل ما كان سببا للفتنة فإنه لا يجوز، فإن الذريعة إلى الفساد يجب سدها إذا لم يعارضها مصلحة راجحة " انتهى من "مجموع الفتاوى" (15/419).

ومعرفة ما يؤدي إلى الفتنة: ليس له ضابط معيّن، بل يتفاوت ذلك بحسب الحال؛ فبعضهن قد يكون لها من الجمال الفائق، بحيث يؤدي كشف وجهها إلى جذب أعين المارة إليها، وربما تعرضوا لها بكلام الغزل ونحوه.

وأحيانا تكون الفتنة بهذا الكشف ليس بسبب الجمال الفائق، وإنما بسبب فساد من حولها من الرجال حيث يتعرضون لكل فتاة عابرة كاشفة لوجهها.

والحاصل؛ أن المرأة ينبغي عليها أن تحتاط لأمر نفسها، ودينها؛ ومتى كان كشف وجهها مما يجرئ عليها الرجال بالنظر والكلام، أو قل في الناس في مجتمعها الورع ومكارم الأخلاق: فينبغي عليها أن تغلق هذا الباب بتغطية وجهها حتى لا تفتن نفسها ولا غيرها.

رابعا: 

هذا الكشف وإن كان لا يؤدي إلى فتنة، فلا تترخص فيه المرأة إن قصدت إظهار حُسنها، فضلا عن أن تستعمل من الزينة ما يظهر حسنه؛ لأن هذا المقصد مناف لحكمة الشارع من فرض الحجاب.

قال ابن القطان رحمه الله تعالى:

" ... جواز إبداء المرأة وجهها وكفيها. لكن يُستثنى من ذلك، ما لا بد من استثنائه قطعا، وهو ما إذا قصدت بإبداء ذلك: التبرج واظهار المحاسن، فإن هذا يكون حراما " انتهى من "أحكام النظر" (ص 209).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب