الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

هل تحسب الحسنات للصغير ؟

السؤال

أعرف أن الإنسان لا يحاسب على أعماله قبل البلوغ فهل يكافأ على ما يفعله من خير قبل البلوغ؟.

الجواب

الحمد لله.


نعم يؤجر الصبي على فعل الحسنات لما رواه مسلم في "الصحيح" رقم (1335) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : رفعت امرأة صبياً فقالت يا رسول الله ألهذا حج قال : " نعم ولك أجر . "

قال صاحب مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل في مسألة الصبي يؤمر بالصلاة إذا بلغ سبع سنين : قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي كِتَابِ الْيَوَاقِيتِ فِي الْمَوَاقِيتِ : الصَّبِيَّ .. يَحْصُلُ لَهُ أَجْرُ الْمَنْدُوبَاتِ إذَا فَعَلَهَا لِحَدِيثِ الْخَثْعَمِيَّةِ , ..

وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ .. : إنَّ الصَّغِيرَ لا تُكْتَبُ عَلَيْهِ السَّيِّئَاتُ وَتُكْتَبُ لَهُ الْحَسَنَاتُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الأَقْوَالِ ,

وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ فِي شَرْحِ أَوَّلِ حَدِيثٍ مِنْهُ وَهُوَ حَدِيثُ الْخَثْعَمِيَّةِ .. عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : يُكْتَبُ لِلصَّغِيرِ حَسَنَاتُهُ , وَلا تُكْتَبُ عَلَيْهِ سَيِّئَاتُهُ وقال صاحب مواهب الجليل تحت مسألة الإحرام بالحج والعمرة من الصبي .. :

وَلا خِلافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الصَّبِيَّ يُثَابُ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ مِنْ الطَّاعَاتِ وَيُعْفَى عَمَّا يَجْتَرِحُهُ مِنْ السَّيِّئَاتِ وَإِنَّ عَمْدَهُ كَالْخَطَأِ , وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ : وَلا تَجِبُ فَرِيضَةُ الْحَجِّ عَلَى الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّغِيرُ الْحُلُمَ وَالصَّغِيرَةُ الْحَيْضَ وَلَكِنْ لا بَأْسَ أَنْ يُحَجَّ بِهِمَا وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْتَهَى . ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ قَالَ : كَانَ مِنْ أَخْلاقِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَحُجُّوا بِأَبْنَائِهِمْ وَيَعْرِضُونَهُمْ لِلَّهِ .

( و ) عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ الأَمْرُ بِالْحَجِّ بِالصِّبْيَانِ وَالأَمْرُ بِاسْتِحْسَانِهِ وَاسْتِحْبَابِهِ وَأَنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ عَلَى ذَلِكَ , وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا : غَيْرَ مُسْتَنْكَرٍ أَنْ يُكْتَبَ لِلصَّبِيِّ دَرَجَةٌ وَحَسَنَةٌ فِي الآخِرَةِ بِصَلاتِهِ وَزَكَاتِهِ وَحَجِّهِ وَسَائِرِ أَعْمَالِ الْبِرِّ الَّتِي يَعْمَلُهَا وَيُؤَدِّيهَا عَلَى سُنَّتِهَا تَفَضُّلا مِنْ اللَّهِ كَمَا تَفَضَّلَ عَلَى الْمَيِّتِ بِأَنْ يُؤْجَرَ بِصَدَقَةِ الْحَيِّ عَنْهُ , أَلا تَرَى أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَمْرِ الصَّبِيِّ بِالصَّلاةِ إذَا عَقَلَهَا . وَصَلَّى صلى الله عليه وسلم بِأَنَسٍ وَالْيَتِيمِ , وَأَكْثَرُ السَّلَفِ عَلَى إيجَابِ الزَّكَاةِ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَيَسْتَحِيلُ أَنْ لا يُؤْجَرَ عَلَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ وَصَايَاهُمْ وَلِلَّذِي يَقُومُ بِذَلِكَ عَنْهُمْ أَجْرٌ لَعَمْرِي كَمَا لِلَّذِي يَحُجُّهُمْ أَجْرٌ فَضْلا مِنْ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : يُكْتَبُ لِلصَّغِيرِ حَسَنَاتُهُ وَلا تُكْتَبُ عَلَيْهِ سَيِّئَاتُهُ وَلا عَلمْت لَهُ مُخَالِفًا مِمَّنْ يَجِبُ اتِّبَاعُ قَوْلِهِ انْتَهَى . وَفِي الإِكْمَالِ قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ : إنَّ الصَّبِيَّ يُثَابُ عَلَى طَاعَةٍ وَتُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتُهُ دُونَ سَيِّئَاتِهِ .. انْتَهَى .

وَقَالَ فِي أَوَائِلِ الْمُقَدِّمَاتِ : وَالصَّوَابُ عِنْدِي أَنَّهُمَا جَمِيعًا مَنْدُوبَانِ إلَى ذَلِكَ مَأْجُورَانِ عَلَيْهِ ( أي الصبي ووليه ) . قَالَ صلى الله عليه وسلم لِلْمَرْأَةِ : وَلَكِ أَجْرٌ .. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . وَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ : وَعِنْدَ الأَرْبَعَةِ أَنَّ الصَّبِيَّ يُثَابُ عَلَى طَاعَتِهِ وَتُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتُهُ كَانَ مُمَيِّزًا أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه وَنَقَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ وَيَدُلُّ لَهُ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ الْفَضَائِلِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : جِهَادُ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ , وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ الَّتِي رَفَعَتْ صَبِيًّا , انْتَهَى . والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الشيخ محمد صالح المنجد