الحمد لله.
أولا:
لا حرج في نشر إعلان الوقف مقابل مبلغ من المال، فهذا عقد جعالة جائز، ويستحق الإنسان الجعل إذا أنجز العمل.
قال في "كشاف القناع" (4/ 205): " (وما يختص أن يكون فاعله من أهل القربة) ، بأن اشتُرط إسلام فاعله ، (مما لا يتعدى نفعه فاعله ، كالصلاة والصيام : لا يجوز أخذ الجُعل عليه) ، كما تقدم في الإجارة .
(فأما ما يتعدى نفعه ، كالأذان ونحوه) ، كتعليم فقه، وقرآن، وقضاء، وإفتاء على تفصيل يأتي في القضاء، ورقية : (فيجوز)" انتهى.
وهذا مما يتعدى نفعه فيجوز أخذ الجعل عليه، بل يجوز أخذ الأجرة عليه أيضا عند كثير من الفقهاء، وينظر جواب السؤال رقم:(134154)، ورقم:(95781) .
ثانيا:
من عمل عملا من أعمال القرب التي يتعدى نفعها، مقابل جعل أو رَزق من وقف أو من بيت المال-أو مقابل أجرة عند من يجيز ذلك- وأخلص لله تعالى: أثيب على عمله.
قال في "مطالب أولي النهى" (3/ 641): "(و) يجوز (أخذ رزق) من بيت المال (على متعد نفعه؛ كقضاء) وفتيا، وأذان (وإمامة) ، وتعليم قرآن، (وتدريس) علم نافع من حديث وفقه ونحوهما، ونيابة في حج، وتحمل شهادة وأدائها؛ لأن ذلك من المصالح العامة؛ كما يجوز أخذ (الوقف على من يقوم بهذه المصالح) المتعدي نفعها؛ لأنه ليس بعوض، بل القصد به الإعانة على الطاعة.
(قال الشيخ) تقي الدين: (ما يؤخذ من بيت المال؛ فليس عوضا وأجرة، بل رزق للإعانة على الطاعة) ، ولا يخرجه ذلك عن كونه قربة، ولا يقدح في الإخلاص؛ لأنه لو قدح، ما استُحِقت الغنائم وسلب القاتل، بخلاف الأجر؛ فيمتنع أخذه على ذلك؛ لما تقدم، (فمن عمل منهم) - أي: ممن يقوم بالمصالح - (لله : أثيب) على عمله الذي أخلصه لله ، قال تعالى: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره [الزلزلة: 7]" انتهى.
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: ما حكم أخذ الأجرة على تحفيظ القرآن الكريم للأطفال الصغار؟ وإذا أفتيتم بالجواز، فهل للمعلم ثواب عند الله بعد أخذه للأجرة الشهرية ؟
فأجابوا : " تعلم القرآن الكريم وتعليمه من أفضل القرب إلى الله جل وعلا، إذا صلحت النية ، وقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على تعلم القرآن وتعليمه، بقوله: ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) .
وأخذ معلمي القرآن الأجرة على تعليمه: لا ينافي حصول الثواب والأجر من الله جل وعلا؛ إذا خلصت النية. وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز... عبد العزيز آل الشيخ... عبد الله بن غديان ... صالح الفوزان... بكر أبو زيد " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (15/99).
وعليه :
فيرجى لمن نشر إعلان الوقف أن ينال الثواب، وأن يكون له مثل أجر المتبرعين؛ فإن الدال على الخير كفاعله.
والله أعلم.
تعليق