الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

حكم مسح الخف بوساطة مكنسة مبتلة وحكم رش الماء أو صبه عليه من غير إمرار اليد

330611

تاريخ النشر : 23-02-2022

المشاهدات : 4230

السؤال

رجل عنده كسر في عظام العمود الفقري، ولا يستطيع الإنحناء كثيرا، فعند المسح على الجورب إما أن تمسح له زوجته على الجورب، وإن كان خارج البيت فإنه يستخدم مكنسة مثلا فيبللها، ويمسح ظاهر الجورب كما هو معلوم، أحيانا إذا لم تتوفر له مكنسة فإنه يرش الماء على الجوارب بوساطة بخاخ، بحيث يشمل الظاهر من الجورب. فهل الصلاة صحيحة في السؤالين المتقدمين أم عليه الإعادة؟ البعض يلبس خفا أو حذاء من الجلد السميك المعروف لدى الجميع فوق الجورب وهو ساتر للكعبين فبدل أن يمسح فإنه يصب الماء على الحذاء، فهل يشرع صب أو رش الماء على الجورب أو الخف لحاجة أو لغير حاجة؟ وما حكم صلاته هنا في هذه الحالة أيضا؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يجوز أن يمسح الإنسان الخف لغيره، كما يجوز أن يوضئه.

قال ابن عابدين رحمه الله في حاشيته على "البحر الرائق" (1/ 182) : " لو أَمَر من يمسح على خفيه، ففعل: صح. كما في الخلاصة " انتهى.

ثانيا:

لا يشترط أن يكون المسح باليد مباشرة، فلو مسح بخرقة، أو بمكنسة مبتلة - كما ذكرت - جاز.

قال النووي رحمه الله في "المجموع" (1/ 549) : " قال أصحابنا : يجزئ المسح باليد وبأصبع وبخشبة أو خرقة أو غيرها" انتهى.

وهو مذهب الحنابلة ، وينظر : "الإنصاف" (1/160، 1/185) .

ثالثا:

يجزئ أن يرش الماء على الخف ببخاخ ونحوه.

قال زكريا الأنصاري: "ولو وضع يده المبتلة عليه ولم يمرها، أو قطر عليه: أجزأه" انتهى من "شرح منهج الطلاب مع حاشية البجيرمي" (1/88).

رابعا:

الحذاء إذا كان يغطي الكعب، ولُبس بعد طهارة كاملة، جاز المسح عليه لأنه في حكم الخف.

وأما إذا كان لا يغطي الكعب، فهو مما اختُلف في جواز المسح عليه.

فالجمهور على أنه لا يجوز المسح عليه، وذهب بعض أهل العلم كالأوزاعي وابن حزم وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى جواز المسح عليه، وقيّده شيخ الإسلام بالنعل التي يشق نزعها إلا بيد أو رجل.

وقد دل على جواز المسح على النعلين:

1- ما رواه البزار أن ابن عمر رضي الله عنه كان يتوضأ ونعلاه في رجليه، ويمسح عليهما ويقول: كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل .

وصحح الحافظ ابن حجر إسناده في "الدراية في تخريج أحاديث الهداية" (1/83).

2- ما رواه أبو داود (160) عن أَوْسِ بْنِ أَبِي أَوْسٍ الثَّقَفِيُّ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى نَعْلَيْهِ وَقَدَمَيْهِ" . وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".

3- ما رواه ابن أبي شيبة عن أبي الظبيان قال : رأيت عليا بال قائما ثم توضأ ومسح على نعليه ، ثم أقام المؤذن فخلعهما.

قال في "الفروع" (1/160) : " واختار شيخنا [أي ابن تيمية] مسح القدم ونعلها التي يشق نزعها إلا بيد أو رجل، كما جاءت به الآثار , قال : والاكتفاء هاهنا بأكثر القدم نفسها أو الظاهر منها غسلا أو مسحا، أولى من مسح بعض الخف " انتهى .

وينظر : "المحلى"(1/336)، "الإنصاف"(1/179).

وأما الجمهور فمنهم من ضعف هذه الأحاديث، ومنهم من أولها على أنه مسح على جوربين مُنعلين .

وعلى هذا القول: إذا لُبس النعلان على الجوربين، جاز المسح عليهما معا ؛ لما روى الترمذي (99)، والنسائي(125)، وأبو داود(159)، وابن ماجه(559) عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : (تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ ) والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود".

قال ابن القيم رحمه الله في تعليقه على سنن أبي داود : " وَالظَّاهِر أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ الْمَلْبُوس عَلَيْهِمَا نَعْلَانِ مُنْفَصِلَانِ . هَذَا الْمَفْهُوم مِنْهُ , فَإِنَّهُ فَصَلَ بَيْنهمَا وَجَعَلَهُمَا سُنَّتَيْنِ ... وَأَيْضًا فَالْمَنْقُول عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي ذَلِكَ : أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى سُيُور النَّعْلِ الَّتِي عَلَى ظَاهِرِ الْقَدَم مَعَ الْجَوْرَب , فَأَمَّا أَسْفَله وَعَقِبه فَلَا " انتهى.

ونقل في "عون المعبود" عن الطحاوي قوله : " مَسَحَ عَلَى نَعْلَيْنِ تَحْتهمَا جَوْرَبَانِ , وَكَانَ قَاصِدًا بِمَسْحِهِ ذَلِكَ إِلَى جَوْرَبَيْهِ، لَا إِلَى نَعْلَيْهِ" انتهى .

وفي "مسائل صالح بن الإمام أحمد"(379): " وسألته عن المسح على النعلين ؟ قال: إذا كان في القدم جوربان قد ثبتا في القدم ، فلا بأس أن يمسح على النعلين" انتهى.

والحاصل: أنه على القول الأول- قول الأوزاعي ومن معه- : يجوز المسح على الحذاء الذي هو دون الكعبين، سواء لبس تحته جوربين أو لا .

وعلى القول الجمهور : إذا لبس الجوربين (الساترين للكعبين) على طهارة ، ولبس فوقهما نعلين (الحذاء ) فإنه يجوز المسح عليهما معا .

وحيث جاز المسح، جاز أن يكون برش الماء كما تقدم، أو بصب الماء، ويكون قد غسل الخفين، وقد كرهه جماعة من الفقهاء، وبعضهم قيد الكراهة بما إذا كان يفسده، واشترط بعضهم أن يمسحه مع غسله.

قال في "كشاف القناع" (1/ 119): " (و) حكم (غسله حكم مسح الرأس على ما تقدم) فيجزي إن مسحه مع ذلك، وإلا فلا .

(ويكره غسله) أي: الخف؛ لأنه يفسده" انتهى.

وفي "حاشية الجمل على شرح المنهج" (1/146): " (ويكره تكراره ، وغسل الخف) أي لأنه يعيبه.

ومنه يؤخذ: أن الخف لو كان من حديد، أو نحوه : لا يكره تكرار مسحه، ولا غسله؛ لأنه لا يعيبه؛ وهو كذلك" انتهى.

فينبغي الاقتصار على رش الخف، أو التقطير عليه، دون صب الماء، وإن استعمل مكنسة ونحوها فهو أولى.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب