الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

يدعو بظهر الغيب لأخيه المسلم، ثم يخبره بذلك

السؤال

هل لو قلت للشخص الذي أدعو له بظهر الغيب أنني أدعو له ينقص ذلك شيئاً من الأجر ؟ أو الشخص سألني هل تدعي لي وقلت نعم، وطلبت المثل.

الحمد لله.

أولا: دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب مما حث عليه الشرع

حث الشرع المسلمين على الدعاء لبعضهم البعض بظهر الغيب، كما في حديث أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ  رواه مسلم (2732).

قال القاضي عياض رحمه الله تعالى:

" له من الأجر بمثل ما دعا به؛ لأنه وإن دعا لغيره فقد عمل عملين صالحين: أحدهما: ذكر الله تعالى مخلصًا له، وفازعا إليه بلسانه وقلبه. والثانى: محبته الخير لأخيه المسلم ودعاؤه له، وهو عمل خير لمسلم يؤجر عليه، وقد نص فيه أنها مستجابة كما نص فى الحديث " انتهى من"إكمال المعلم" (8 / 228).

فقيّد الحديث هذا الفضل بكون الدعاء بظهر الغيب؛ فإذا أخبر المسلم بعمله هذا، هل يبطل هذا الفضل والثواب؟

فالقاعدة الشرعية أن الأعمال بحسب مقاصد العامل ونيته، كما جاء في قول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى  رواه البخاري (1)، ومسلم (1907).

إخبار المدعو له بظهر الغيب بالدعاء له 

وبناء على هذا؛ فإن إخبار الأخ بذلك قد يكون لعدة مقاصد :

فإن قصد بذلك : إظهار التفضل والمنّ على المدعو له، فالمن من كبائر الذنوب، وقد يحبط ذلك العمل الذي منه به صاحبه.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" ما يطرأ بعد انتهاء العبادة؛ فإنه لا يؤثر عليها شيئا، اللهم إلا أن يكون فيه عدوان؛ كالمن والأذى بالصدقة، فإن هذا العدوان يكون إثمه مقابلا لأجر الصدقة فيبطلها؛ لقوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى ) " انتهى من"القول المفيد" (2 / 126).

وقد يكون هذا الإعلان من الأعمال الصالحة التي يؤجر عليها المعلن؛ كأن يخبر بأنه يدعو بظهر الغيب إجابة على سؤال، فيكون إخباره من باب تحري الصدق في الحديث، أو أراد إظهار موَدته للمدعو له وإدخال السرور على قلبه، وجلب مزيد الألفة والمودة بينهما؛ كما جاء في الحديث: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ؟

قَالَ:   أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تَدْخِلُهُ عَلَى مُؤْمِنٍ...  رواه ابن أبي الدنيا في "قضاء الحوائج" (ص 47)، وحسّنه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2 / 575).

ومن هذا ما رواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (4 / 325) بإسناده عن خطاب بن بشر: قال:

" جعلت أسأل أبا عبد الله أحمد بن حنبل فيجيبني، ويلتفت إلى ابن الشافعي فيقول: هذا مما علمنا أبو عبد الله، يعني الشافعي.

قَالَ خطاب: وسمعت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل يذاكر أبا عثمان أمر أبيه، فقال أحمد: يرحم الله أبا عبد الله، ما أصلي صلاة إلا دعوت فيها لخمسة، هو أحدهم ".

فمثل هذه المصالح : لا يظهر ما يمنع منها ، بل هي أعمال خير وبر، ولا يظهر أنها تؤثر في اجر الدعاء بظهر الغيب، ولا أن يكون للداعي مثل ما سأل لصاحبه.

لكن لا ينبغي أن يسأله أن يدعو له بمثل ذلك، أو يدعو له ، كما دعا له هو بظهر الغيب، فالظاهر أن هذا طلب للأجر والمكافأة ، على العمل الصالح ، من الغير.

وينظر جواب السؤال رقم : (333529).

ثانيا:

سبق تفصيل حكم طلب الدعاء من الغير في جواب السؤال رقم : (163632).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب