الحمد لله.
من بلغ من الأولاد راشدا، فلا ولاية عليه في ماله، بل يتولى أمر نفسه، ويتصرف في ماله كيف شاء؛ لقوله تعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا * وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا النساء /5،6.
فمالك وراتبك لك، ونفقتك على نفسك ما دام الراتب يكفيك، وكذا إخوانك وأخواتك، فإن رضيتم بخلط بأموالكم للإنفاق منها، فلا حرج، والزائد ملك لكم تتصرفون فيه كما شئتم، وليس للأم منعكم من التصرف فيه، ولا أن تأخذ منه لنفسها مع عدم حاجتها، ولا أن تعطي من مال بنتها لابنها، من باب أولى؛ لقوله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ النساء/29
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ رواه البخاري (67)، ومسلم (1679).
وقوله صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1459).
والغالب أن الأم تريد حفظ مالكم، وتخاف أن تصرفوه فيما لا ضرروة إليه، لكن إذا لم ترضوا بهذا، لم يحل لها منعكم منه.
وليس لأخيكم أن يصرف من المال المشترك فيما يعود نفعه عليه وحده إلا بإذنكم، بل ولا فيما يعود نفعه عليكم جميعا إلا بإذنكم؛ لأنه لا ولاية له على مالكم، لكن لو تهدم البيت واحتاج إلى عمارة، فتجبرون جميعا على المشاركة في الإصلاح.
قال في "منار السبيل" (1/ 375): " (ويجبر الشريك على العمارة مع شريكه في الملك والوقف) إذا انهدم جدارهما المشترك، أو سقفهما، أو خيف ضرره بسقوطه، فطلب أحدهما الآخر أن يعمره معه. نص عليه. [أي : الإمام أحمد] نقله الجماعة. قال في الفروع: واختاره أصحابنا، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار)، ولأنه إنفاق على ملك مشترك يزيل الضرر عنهما، فأجبر عليه" انتهى.
والنصيحة لكم أن تتفقوا مع والدتكم على أن يدفع كل منكم مبلغا للنفقة، فتشتركون فيها، ويكون لكل منكم بقية راتبه، ويمكنكم تطمينها بأن المال سيوضع في بنك إسلامي كالراجحي أو الإنماء أو البلاد، لتطمئن على أن المال سينمو، وأنكم ستحافظون عليه، ولن تصرفوا منه بإسراف.
والله أعلم.
تعليق