الحمد لله.
الأصل أن من حق الإنسان أن يتخذ مكينة خاصة به في أرضه ، ولو كان عند جاره مكينة يصل ماؤها إليه؛ لأنه تصرفٌ في ملكه ؛ فلا يمنع منه .
ولأنه بذلك يتخلص من دفع أجرة السقي، وانتظار النوبة، وتعنت الجار أو ضعف الماء، إلى غير ذلك من المصالح.
والعرف في بعض البلدان لا يمنع من إنشاء الإنسان مكينة لسقي أرضه فقط، لكن يمنع من أن يسقي لغيره وينافس صاحب المكينة الأولى، ولعل ذلك لعدم الإضرار بالأول .
لكن هذا أمر غير معتبر، لأن الرزق مقسوم، ولا يمنع الإنسان من البيع أو الإجارة لوجود جار يبيع أو يؤجر ولو لمثل السلعة.
فإن منعت الدولة من تعدد الماكينات في مساحة معينة، نُظر في ذلك: فإن كان لمصلحة عامة ، ظاهرة ؛ لزم الامتثال، ويحق لك الشكوى حينئذ، وإن لم يكن لمصلحة ظاهرة لم يلزم.
قال في "تحفة المحتاج" (3/71) : "الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَا أَمَرَ بِهِ ، مِمَّا لَيْسَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ لَا يَجِبُ امْتِثَالُهُ إلَّا ظَاهِرًا فَقَطْ بِخِلَافِ مَا فِيهِ ذَلِكَ يَجِبُ بَاطِنًا أَيْضًا" انتهى .
ولعل وجه المصلحة عند من منع من ذلك : هو منع الإضرار بالأول، وتقليل النزاع، والمحافظة على استقرار الأوضاع .
لكن هذه المصلحة مقابلة أيضا بمفاسد لا تخفى ، من تعنت بعض أصحاب الماكينات، وزيادة الأجرة، وضعف الماء، وتأخر السقي لكثرة الساقين وغير ذلك.
فالذي يظهر أنه لا حرج على من أنشأ مكينة في أرضه ، سواء سقى لنفسه أو لغيره، وجد بالقرب منه مكينة أو لا، وأنه تصرف في ملكه الخاص ، بما فيه منفعة له ، ولم يضار بذلك أحدا ، ولا يظهر أن ما ذكر في السؤال ضرر معتبر ، أو مفسدة معتبرة في منعه من التصرف في ملكه ، لمصلحة نفسه ، أو للتربح بإجارة ماكينته .
والله أعلم.
تعليق