الحمد لله.
أولا:
التعليق على ما ورد من سباحة النبي صلى الله عليه وسلم في صغره
الحادثة المشار إليها أخرجها ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (1/ 116) ؛ قال :
قال: أخبرنا محمد بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ.
قال: وحدثنا هَاشِمُ بْنُ عَاصِمٍ الأَسْلَمِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ، قَالُوا: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أُمِّهِ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ. فَلَمَّا بَلَغَ سِتَّ سِنِينَ خَرَجَتْ بِهِ إِلَى أَخْوَالِهِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ بِالْمَدِينَةِ تَزُورُهُمْ بِهِ. وَمَعَهُ أُمُّ أَيْمَنَ تَحْضُنُهُ وَهُمْ عَلَى بَعِيرَيْنِ. فَنَزَلَتْ بِهِ فِي دَارِ النَّابِغَةِ. فَأَقَامَتْ بِهِ عِنْدَهُمْ شَهْرًا. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَذْكُرُ أُمُورًا كَانَتْ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ. لَمَّا نَظَرَ إِلَى أُطُمِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ عَرَفَهُ وَقَالَ: ( كُنْتُ أُلاعِبُ أُنَيْسَةَ جَارِيَةً مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى هَذَا الأُطُمِ وَكُنْتُ مَعَ غِلْمَانٍ مِنْ أَخْوَالِي نُطَيِّرُ طَائِرًا كَانَ يَقَعُ عَلَيْهِ ). وَنَظَرَ إِلَى الدَّارِ فَقَالَ: ( هَهُنَا نَزَلَتْ بِي أُمِّي وَفِي هَذِهِ الدَّارِ قُبِرَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَحْسَنْتُ الْعَوْمَ فِي بئر بني عدي ابن النَّجَّارِ...).
ومدار هذا الحديث على محمد بن عمر بن واقد الأسلمي المعروف بـ ( الواقدي ) ، وهو متهم بالوضع.
قال النسائي : " الكذابون الوضاعون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة ؛ فذكر منهم : الواقدي ".
وقال أبو حاتم الرازي: كان يضع الحديث.
وينظر : "إكمال تهذيب الكمال" (10/ 290).
كما أن إسناده الأول مرسل ؛ لأن الزهري من صغار التابعين ؛ فكيف يدرك تلك الحادثة ؟!
والإسناد الثاني فيه : محمد بن صالح التمار ، وهو مختلف فيه .
فوثقه أحمد وأبو داود . وقال أبو حاتم : ليس بالقوى .
قال البرقانى : سألت الدارقطنى عن محمد بن صالح ، يروى عنه زيد بن الحباب ، فقال : هو التمار ، متروك. انتهى.
ورتبته عند ابن حجر : "صدوق يخطئ".
وينظر : "تهذيب التهذيب" (9/ 225)، و"تقريب التهذيب" (5961).
كما أنه مرسل ؛ لأن عاصم بن عمر بن قتادة ؛ من صغار التابعين ؛ فهو لم يدرك تلك الحادثة!
وأما الإسناد الثالث : ففيه عبد الرحمن بن عبد العزيز الأمامي .
قال أبو حاتم : شيخ مضطرب الحديث.
وقال عثمان الدارمي، عن ابن معين : شيخ مجهول.
وقال الأزدى : ليس بالقوى عندهم.
وينظر "تهذيب التهذيب" (6/ 220).
والإسناد الرابع : فيه هَاشِمُ بْنُ عَاصِمٍ الأَسْلَمِيُّ ، ولم نقف له على ترجمة .
والحاصل :
أن هذه القصة لا تصح؛ لأن مدارها على الواقدي، وهو متهم بالوضع ؛ كما أن فيها من الرواة من هو ضعيف ومن هو متكلم فيه .
ولكن لا يعني هذا أن يُجزم بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسبح في طفولته ؛ فهذا أمر من الممكن أن يكون قد حدث؛ ولكنه لم يثبت من حيث النقل .
ثانيًا:
ما ورد في فضل السباحة
صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ مِنْ ذِكْرِ اللهِ فَهُوَ لَعِبٌ ، لَا يَكُونُ أَرْبَعَةٌ: مُلَاعَبَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ ، وَتَأْدِيبُ الرَّجُلِ فَرَسَهُ، وَمَشْيُ الرَّجُلِ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ، وَتَعَلُّمُ الرَّجُلِ السَّبَّاحَةَ رواه النسائي في "السنن الكبرى"(8889) وصححه الألباني في "الصحيحة" (315) .
وفي الحديث حث على تعلم السباحة ؛ لما قد يترتب على تعلمها من منافع ؛ كتقوية الجسم وإنقاذ الغريق وغير ذلك .
وينظر لمزيد من الفائدة الفتوى رقم:(225943).
والله أعلم.
تعليق