الحمد لله.
أولا:
ذهب جمهور الفقهاء إلى تحريم دخول الكافر إلى حرم مكة، ولو كان مجتازا مارا؛ لقوله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ التوبة/28
وذهب الحنفية إلى جواز دخول أهل الذمة، من غير إقامة.
وذهب المالكية إلى جواز مرورهم واجتيازهم.
قال النووي رحمه الله: " يمنع كل كافر من دخوله، مقيما كان أو مارا. هذا مذهبنا، ومذهب الجمهور" انتهى من "المجموع" (7/ 467).
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (9/ 358): "فأما الحرم، فليس لهم دخوله بحال. وبهذا قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: لهم دخوله، كالحجاز كله، ولا يستوطنون به، ولهم دخول الكعبة، والمنع من الاستيطان، لا يمنع الدخول والتصرف، كالحجاز.
ولنا: قول الله تعالى: إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا [التوبة: 28]. والمراد به الحرم، بدليل قوله تعالى: وإن خفتم عيلة [التوبة: 28] يريد: ضررا بتأخير الجَلَب عن الحرم، دون المسجد.
ويجوز تسمية الحرم المسجد الحرام، بدليل قول الله تعالى سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى [الإسراء: 1] ، وإنما أسري به من بيت أم هانئ، من خارج المسجد...
فإن أراد كافر الدخول إليه، منع منه. فإن كانت معه ميرة أو تجارة، خرج إليه من يشتري منه، ولم يُترك هو يدخل.
وإن كان رسولا إلى إمام بالحرم، خرج إليه من يسمع رسالته، ويبلغها إياه. فإن قال: لا بد لي من لقاء الإمام، وكانت المصلحة في ذلك، خرج إليه الإمام، ولم يأذن له في الدخول، فإن دخل الحرم عالما بالمنع: عُزِّر، وإن دخل جاهلا، نهي وهدد" انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/ 116): "يحرم على المسلمين أن يمكنوا أي كافر من دخول المسجد الحرام وما حوله من الحرم كله؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا...".
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.
ثانيا:
يقول العلامة المحقق ابن عابدين، في بيان مذهب أصحابه الحنفية: "الذي ذكره أصحاب المتون في كتاب (الحظر والإباحة): أن الذمي لا يمنع من دخول المسجد الحرام وغيرَه. وذكر الشارح هناك: أن قول محمد والشافعي وأحمد: المنعَ من المسجد الحرام؛ فالظاهر أن ما في السير الكبير هو قول محمد وحده، دون الإمام، وأن أصحاب المتون على قول الإمام، ومعلوم أن المتون موضوعة لنقل ما هو المذهب، فلا يعدل عما فيها" انتهى من "حاشية ابن عابدين" (4/ 209).
وأما مذهب المالكية: فقال الدسوقي (2/ 201): "(قوله: ولهم الاجتياز) أي المرور، وظاهره: ولو لغير حاجة، ككون طريقه من غيرها أقرب.
قوله: (وكذا لهم إقامة ثلاثة أيام) ليس هذا تحديدا، بل لهم إقامة الأيام القلائل بنظر الإمام، إن احتاجوا لذلك، وكان دخولهم لمصلحة، كما لو دخلوا بطعام واحتاجوا لإقامة الأيام لاستيفاء ثمنه وقضاء حوائجهم" انتهى.
والقول بجواز المرور أو الدخول من غير استيطان، مقيد بإذن ولي الأمر، فإن منع لم يجز ذلك، ومعلوم أن الدولة تمنع دخول الكافر إلى حرم مكة مطلقا، مرورا، أو إقامة.
وعليه فليس لك أن تمري بهذه الخادمة داخل حدود الحرم، عند الجميع.
والحرم يشمل مكة ومنى ومزدلفة وجزءا من الشرائع.
وينظر: جواب السؤال رقم : (177189)، ورقم: (276975).
وعلى ذلك؛ فيلزمك إخراجها من الحرم- إن كانت فيه- وعدم المرور بها فيه، وإن أردت الذهاب بها إلى جدة، فمن الطريق الآخر ولو طال.
والله أعلم.
تعليق